top of page

ألقاب غير مستحقة


عندما يكتب لأحدهم النجاح بتحقيق منجز ما ويكون له فيه قصب السبق، فإن الذي يحدث، وفق العادة، أن يوصف بالذكاء أو العبقرية، لأنه، وكما هو معروف، يمنح المخترعون والمبتكرون الذين قدموا منجزات مذهلة مثل هذه الأوصاف. أيضاً في مجالات أخرى، مثل الإدارة، عندما ينجح مدير عام أو رئيس دائرة في تنظيمها ووضع أسس واضحة لفرق العمل، ثم يكتب لهذه الجهود النجاح فإنه يتم وصفه بالذكاء والعبقرية. ولو أمعنا النظر، فإن هؤلاء الإداريين الناجحين، وأيضاً من قدم مبتكراً أو مخترعاً، قد لا يتمتعون بالذكاء المرتفع أو العبقرية وكل ما في الأمر أنهم استعانوا بالمعرفة والمعلومات وأحسنوا توظيفها التوظيف الأمثل. الشخص من هؤلاء، إداري ناجح لا أكثر، لأن هذه الآلية لا تحتاج لذكاء خارج عن المألوف. وهذا يوضح لنا جانباً مهماً يجب التوقف عنده ملياً وهو حالة الإسراف في منح الألقاب والصفات، وهذه الحالة ليست موجودة في مجال واحد أو محدد، بل تشمل مختلف الجوانب الحياتية. في مجال الرياضة تحديداً عندما تسمع معلقاً يصرخ أو صحفياً يكتب واصفاً هذا الرياضي بأنه أسطورة، عندها تسأل: من الأسطورة التي لا تعرفها؟ ولو قدر وبحثت في مسيرة هذا الرياضي لوجدت منجزات عادية بل قد تجد من قدم أفضل وأرقاماً أعلى في سنوات ماضية، وبالتالي لا يستحق وصفه بالأسطورة، التي تعني أن ما قدمه أشبه بالخيال والمعجزة وغير المسبوق، بينما منجزه لا يستحق هذا التهويل. ولأن المجال مفتوح في توزيع الألقاب والصفات دون أي اعتبار، نجد أنها أفرزت حالات من التزوير والغش، مثل من يضع أمام اسمه لقب دكتور وشهادته مزورة أو غير معتمدة أو غير معترف بها علمياً، وليست المشكلة هنا بل أن ينال بها وظيفة مرموقة ومرتباً عالياً، بينما من يستحق فعلاً حُرم من ذلك في منافسة لم تكن عادلة. تكمن خطورة الإسراف في منح الألقاب أنها تصبح عادية ومشاعة ولا تعكس معناها الحقيقي، وبالتالي تفقد رونقها وقوتها ولا توصل الرسالة الحقيقية عند إطلاقها بشكل عام ومكرر. أدرك أن مثل هذه الألقاب غير رسمية ولكن عندما يتبناها البعض من الأقلام الإعلامية ويرددها تتحول إلى ما يشبه الحقيقة في غير مكانها الصحيح.



bottom of page