top of page

الذكاء الاصطناعي.. نفس الأصوات



القصة تتكرر أمام كل جديد، الأصوات نفسها، والموقف نفسه، والمعطيات والمبررات نفسها، والمخاوف والتحذيرات نفسها، لا شيء يختلف سوى عنوان الموضوع العام، أما ما يحتويه ذلك الموضوع وما يتم ترديده فهو نفسه تماماً. وأقصد بالقصة هي تلك الأصوات التي تحذر وتتخوف وتحذر عند قدوم أي تقنية جديدة، عند دخول البشرية نحو أي حقبة من التطور والتقدم ومعها تستخدم وسائل وتقنيات جديدة، تبدأ أصوات لم تستوعب هذا التطور ولم تستوعب هذه النقلة الحضارية فتقف موقف المعارض بشدة والمحذرة ويتم ترديد كلمات من التهويل. هذه النغمة وعزف هذه الأسطوانة سمعناهما مراراً في عالمنا العربي، فعندما بدأت شبكة الإنترنت، ضجت المجالس والمنتديات بل وعقدت ندوات ومحاضرات ومؤتمرات خرجت عنها توصيات وبنود جميعها كان همها كيف تكون مواجهة هذه الشبكة العنكبوتية، فاجتاحتهم وابتلعت كل توصياتهم وجميع بنود اجتماعاتهم، وخرجت نفس هذه الأصوات عندما بدأ البث المباشر للقنوات الفضائية وإمكانية استقبالها بالأجهزة التي توضع على أسطح المنازل بكل بساطة فانهمرت قنوات التلفزيون العالمية بين يديك في تحدٍ للحدود المجتمعية وتجاوز لكل الخطوط وفي تشابك للقيم والمبادئ البشرية بشكل غير معهود. وهذه شكلت صدمة كبيرة تداعى لها الكثيرون بين محذر ومتخوف ولكن جاءت القنوات الفضائية وبتنا نتنقل بينها وكأننا نتجول بين إذاعات الراديو، ونفس هذا السيناريو تم إعادته مع الهواتف النقالة حيث تكررت المخاوف ومع وصول أجيال جديدة من هذه الهواتف التي سميت بالذكية كانت تلك المخاوف قد وصلت لذروتها، والذي حدث أنه تم تجاوز تلك الأصوات ولم يبق لا صغير ولا كبير إلا وبين يديه هاتف ذكي واحد على الأقل. اليوم نفس الأسطوانة تتكرر ونفس السيناريو يظهر، عندما بدأت حقبة الذكاء الاصطناعي بالظهور، لكنهم هذه المرة يستخدمون جميع الوسائل التي كانوا يخوفون ويحذرون الناس من استخدامها أو التعامل معها. يستخدمونها في مقاومة هذا التطور الجديد: الهواتف الذكية وتطبيقاتها المختلفة والقنوات الفضائية وشبكة الإنترنت بصفة عامة جميعها منصات نشاهد هؤلاء يتخذونها منطلقاً للحديث عن الذكاء الاصطناعي، ومن خلالها يكررون نغمات الرفض والتحذير.. والذي يحدث في عدة دول من العالم أنها قد حزمت أمرها وتوجهت نحو تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقررت أن تكون سابقة ومبادرة في هذا المجال، وبالتالي تجاوزت كل ذلك اللت والعجن وكل تلك المخاوف والتحذيرات، وهذا بالضبط الذي يجب علينا أن نفعله.



bottom of page