الأنا، أو ما تعرف بالأنانية، تضرب في حياتنا اليوم بشكل متواتر ومتكرر، ونجدها ماثلة في عدة جوانب حياتية، لكنها في الحقيقة رافقت الإنسان منذ القدم وحتى يومنا، لعل لسطوة الحياة وقسوتها، سبب في نشؤ وظهورها، لكن تبقى سلوك شاذ وغير مرحب به، بل أنها ممارسة تنم عن الفشل وعدم الرؤية بوضوح للأهداف والعمل لتحقيقها.
الأنا كانت محل اهتمام الكثير من الأدباء والمؤلفين والفلاسفة، على مر التاريخ وحتى اليوم، وقد توقفوا أمام مثل هذه السلوك مطولا من خلال منجزات أدبية وفلسفية كثيرة، تحدثوا مطولاً خلالها عن عمق هذه الأنا ومدلولاتها ومعناها الدفين.
من هؤلاء الفيلسوف الألماني إيكهارت تول، والذي قد يكون الكثير منا سبق وسمع به، فهو لا يزال حتى عصرنا هذا معلماً روحياً وفيلسوفاً كبيراً، يتأثر به العديد من المفكرين المعاصرين والأدباء. لعل المجال الآن ليس للحديث عن مؤلف ومبدع غني عن التعريف، بل للحديث عن أحد كتبه القيمة والجميلة، وهو كتاب: "أرض جديدة، كيف تكتشف مغزى حياتك" الذي صدر عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث ضمن مشروعها كلمة.
يأخذك الكتاب في مغامرة ذهنية، لاكتشاف الأسلوب المرير الذي يتبعه معظمنا في حياته عندما يسمح لقوة الأنا أو قوة تعزيز الذات، بالسيطرة على تحركاته وتفكيره، بل ويسمح لها أن تقود مشاعره وتوجهاته، ودون وعي منه تجده يغرق وسط التلاشي والاختفاء في الوقت الذي ظن فيه أنه يسعى جاهدا لإيجاد السعادة.
يلهمك كتاب أرض جديدة لتجد السلام الداخلي والرضى العميق في حياتك ويوقظ فيك الروح لتسموا فوق النزاعات التي نعيشها في حياتنا اليومية. واجمالا، يتعبر هذا الكتاب من أقوى الكتب الروحية تأثيرا في عصرنا، لأن الفيلسوف الكبير ايكهارات يطرح أفكاره بأسلوب سلس ومنطقي وواقعي، خالي من كلماتٍ أشبه بأمواج من الاحلام الجارفة والتي تقود لسرابٍ محض. بل إنه يشرح مستخدما الواقع كيف أن سيطرة الأنا على أفكارنا تجعلنا نتوهم أننا نحقق أهدافنا بينما في الحقيقة نحن نخسر شيء أهم بكثير من كل المكاسب وهو حقيقة أرواحنا! .
إن لهذا الكتاب القدرة حقاً على أن يوقظ جزءاً منسياً فيك لتعيش حياة عميقة وسامية، وقد تضمن عشرة فصول، هي: تفتّح الوعي الإنساني، "الأنا" الحالة الراهنة للإنسانية، جوهر "الأنا"، لعب الأدوار الوجوه المتعددة للأنا، "كتلة الألم"، الانعتاق، معرفة ماهيتك الحقيقية، اكتشاف الفضاء الداخلي، هدفك الداخلي، أرض جديدة.
جاء الكتاب في 263 صفحة ونقله إلى اللغة العربية بمهارة الأستاذ سامر أبو هواش.