top of page

الصمت المميت وإدارة الأزمة

قرأت أنه عندما وقعت حادثة تشرنوبل في أوكرانيا عام 1986، والتي تعد أكبر كارثة نووية شهدها العالم، أن حكومة الاتحاد السوفييتي الذي انهار في عام 1991، لم تعترف بحجم الحادث زمناً طويلاً، رغم أن السلطات قامت بإجلاء أكثر من 101ألف شخص من المناطق القريبة من المفاعل. وهذا الحادث أدى لوفاة أعداد من الناس بعد سنوات تالية متأثرين بالسموم من الإشعاعات، لكن العالم عانى من الإشعاعات السامة التي انتقلت في الهواء، وتغلغلت في الأمطار. وتطلبت معرفة العالم بحجم هذه الكارثة، رؤية المزيد من الضحايا يقعون، وانتشاراً للأمراض المميتة، خاصة في البقع الجغرافية القريبة من الانفجار. أعتقد أن حادثة مثل هذه، وبنفس الحجم في عصر المعلومات والهواتف الذكية، من الصعب إخفاء معالمها أو تغيير حقيقتها، لكن تبقى نقطة جوهرية أساسية في كل كارثة أو حادث، وهي فن الإدارة، والتي تفرعت منها عدة علوم أخرى يتم تدريسها، مثل علم إدارة الجموع، وعلم إدارة الكوارث، وهو محور حديثنا في هذه المساحة. تكمن النقطة الأساسية دوماً في معرفة حجم البقع الجغرافية، وما يتواجد فيها من مشروع أو منشآت حيوية، خاصة عندما تكون هذه المنطقة مكاناً للكثير من الناس أو مزاراً، أو فيها أسواق ومتنزهات ونحوهما. من هنا فإن النقطة الأساسية والأولى التي يجب مراعاتها عند وضع لبنات المشروع أن تتضمن زواياه وأركانه ومنافذه كافة، المخارج الصحيحة، ويراعى وضع احتياطات السلامة كافة، على مختلف أنواعها. وهذه نقطة مهمة وأساسية، ثم بعدها تأتي جوانب أخرى مثل وضع الخطط والوسائل التي ستساعد فيما لو حدث مكروه أو أي حادث ، وهو ما يعرف بالاستباق للحادث أو للكارثة. ومثل هذه الإجراءات ليس من الضرورة أن تكون واضحة المعالم للجمهور، بل الجهات ذات العلاقة هي المطلعة، والتي يهمها توفر مثل هذه الوسائل. النقطة الأخرى، والتي تعد جوهرية، تتعلق بتدريب عناصر الحماية والدفاع المدني، على مختلف تخصصاتهم، على كيفية التعامل مع أي حادث ومن أي نوع، خاصة في وسط الجمهور، بل كيف يتم التعامل مع تجمهر الناس، والذي قد يكون عائقاً فعلياً لتقديم الإسعافات الأولية وسرعة الوصول لموقع الحادث، ثم في نهاية المطاف الشفافية والوضوح مع وسائل الإعلام. وليس هذا وحسب، بل كيفية مسابقة الشائعات بإصدار بيانات متتالية؛ تتناول مختلف التطورات ووضع الجمهور في كامل الحدث أولاً بأول، وهذه الطريقة ستقطع الطريق على أي تحليلات ضبابية أو كلمات تهدف لنشر السوداوية. مثل هذه الدروس، بل مثل هذه الإدارة للأزمة شاهدناها في حادثة الحريق الذي اندلع في فندق «العنوان»، قبل ساعات قليلة من بدء الاحتفالات بحلول عام 2016. رأينا يقظة رجال الأمن والمطافئ والدفاع المدني، وتضافر الجهود، ثم النجاح المدوي الذي أبهر العالم، في سرعة إنقاذ المقيمين بالفندق، ليس هذا وحسب، بل وخلال التعامل مع الأزمة تم الاتصال بالنزلاء وإبلاغهم بالتوجه نحو فنادق بديلة لإكمال إقامتهم والتمتع باحتفالات العام الجديد. ستظل دبي تذهل العالم، وتقدم دروساً في مختلف المجالات الحياتية.

لقراءة المادة من المصدر أضغط على الرابط التالي:


bottom of page