top of page

المهووسون بالتجميع هم أسهل الفرائس


يميل البعض لجمع الأشياء، حتى أن كثيرون يعدّونها كهواية لهم يستمتعون بها. وقد يتطور الموضوع ليكون اضطرابا نفسيا يسمى الاكتناز القهري، حيث يقوم الشخص بتجميع كل شيء ولا يستطيع مقاومة الرغبة في حفظه أي شيء مهما كان سخيفا وقد يقضي من يومه ساعات طويلة فقط لترتيب مجموعاته وتصنيفها وتقسيمها.

السؤال هو لماذا يحب الإنسان أن يجمع الأشياء، وما هو التفسير العلمي وراء هذه العادة التي قد تجدها في أي مكان في العالم؟ هواية التجميع قد تبدأ من الطفولة، وعلى العكس قد لا تظهر إلا في سن البلوغ والنضج.. أي أن العمر لا يهم في تحديد وجود هذه الهواية من عدمها ولا يفسر سبب وجودها ولكن العوامل النفسية التي يعيشها المرء هي التي تتسبب في ظهور عادة كهذه. علماء النفس وضعوا عدة نظريات لتفسير هذه الظاهرة، إحداها هي افتقار الطفل للشعور بالحب والأمان فيكبر مفتقراً لإحساس أن يكون محاطاً بأشخاص يحبهم يحبونه، لذلك اهتماماته الشخصية مثل الاستمتاع بمشاهدة الأفلام أو الألعاب الإلكترونية أو قراءة الكتب والروايات تتحول لهواية تجميع هذه الأشياء، فتجده يحرص على امتلاك وتجميع أي شيء يتعلق باهتماماته حتى يصنع تشكيلة ضخمة تشعره بنوع من الأمان والحب والراحة.

هناك نظرية أخرى تقول أن الإنسان الذي يفكر دوما بمهابة وجوده وكيف يعيش طويلاً وكيف يثبت نفسه، يميل لتجميع الأشياء، ذلك أن هذه التشكيلات التي يقوم بحفظها ورصّها تشعره بوجوده وأهميته وبإنجازه وتشعره أيضا أنه سيبقى حيا في أذهان الناس حتى بعدما يفارق الحياة طالما أن مجموعاته موجودة.

أمر آخر يدفع الناس لتجميع الأشياء هي الفرضية التي وضعها عالم الاقتصاد ريتشارد ثالير فرضية "تأثير المُلكية" حيث أن قيمة الشيء تزداد بالنسبة للإنسان عندما يشعر أنه يمتلكه. وهذا ما يدفع الشخص لاقتناء أي شيء يتعلق بفلمه المفضل مثلاً حيث أن تجميع هذه الأغراض يعطيه إحساساً دفيناً أنه يمتلك هذا الفلم أو يسيطر عليه.

من السهولة جداً أن تتحول هذه الهواية لمشكلة حقيقية، فاقتصادياً هذه الهواية هي أسهل وأقصر طريق للإفلاس، حيث أنها تقتضي تضييع أموالك باستمرار لأجل لاشيء إنما لتلبية شعور عميق بالرضا والراحة. تؤدي أيضا لمشاكل نفسية كما ذكرت في بداية المقال حيث أن التجميع البسيط قد يتحول لوسواس قهري إذا استسلم الإنسان لرغباته الداخلية بالتملك والسيطرة.

من المهم جدا للشغوفين بالتجميع أن يطوّروا مهارة التحكم بالذات، حيث يعوّدوا أنفسهم أن لا يشتروا إلا ما يحتاجون فعلاً، وأن لا ينزلوا للأسواق بغرض التسلية إنما لأجل هدف معين ومن ثم يسارعون بالخروج من السوق. فالشركات التجارية لا ترحم والمهووسون بالتجميع هم أسهل الفرائس لهم. فكر مجدداً قبل أن تقرر صنع مجموعة لأي شيء.


bottom of page