top of page

رحلة معرفية وتعليمية في قواعد الخط العربي

علي الأميري:

تعتبر العناية بالخط، واقتراح أشكال جديدة منه مهنة فنية – إذا صحت الكلمة – تحدث في كل لغة من لغات العالم، بمعنى أن الاهتمام بهذا الفن ليس حكراً على اللغة العربية التي عرفت في العالم بتنوع خطوط حروفها لدرجة كأنك تشاهد لوحة فنية بديعة وبالتالي تميز الخط العربي، ويقال بأن الذي ساعد على أن يتبؤا الخط العربي هذه المكانة أنه وضع قواعد علمية هي تراكمات لخبرات الخطاطين العرب على مر العصور، فضلاً عن خاصية اللغة العربية التي تكون متصلة كلماتها وقريبة من بعضها مما ساعد على تميز كلماتها.. ويقال أيضاً – لا أعلم مدى دقته - بأن الذي ساعد على انتشار الخط العربي هو إقبال الفنانين المسلمين على ممارسة هواياتهم الفنية بعيداً عن الجدل الذي انتشر في حقبة زمنية وحدث خلاله رفض لرسم الحيوانات والإنسان، فصبوا طاقاتهم الفنية في مجال الخط وتحسينه وإظهاره كأنه لوحة تشكيلية فنية في غاية الجمال.

لكن العناية بالخط، لم يكن حكراً على حقبة زمنية ماضية، بل إنه هم ورسالة دائمة حتى في زماننا الحالي، ولعل من ملامح هذا الاهتمام كتاب: "فن قواعد الخط العربي" من تأليف علي الأميري، والذي حرص على أن يضع قواعد سهلة يمكن تطبيقها بسهولة ودون معلم، ولكنه أيضاً لم يغفل الجانب المعرفي. في هذا السياق يقول المؤلف: " الخط العربي فن عريق بل هو من أرقى الفنون الإسلامية ولقد تمتع بمكانة سامية عبر التاريخ". وهو محق تماماً فالاهتمام بهذا الفن تجد ملامحه في مختلف متاحف العالم حيث يحتفظ بمخطوطات عربية كتبت بخط بديع جميل، فضلاً عن تواجد لوحات ورسوم جدارية في عدة مساجد عريقة في مختلف العواصم، فيها الخط العربي الجميل.

الأميري في كتابه قام بجمع لجميع قواعد وأساسيات الخط وهو هدف للتسهيل على القارئ عندما تعمد وضع المعلومة كاملة ومختصرة، ولم يغفل أن يضم بين جنبات كتابه موضوع تحت عنوان: رواد الخط العربي، فاستعرض لأهم الأسماء في هذا المجال ونبذة عن كل واحدا منهم، باختصار ودون إخلال ودون إطالة قد تصيب القارئ بالملل.

أكثر ما هو ممتع في هذا الكتاب أنه لم يكن تنظيري علمي بل إنه أشرك القارئ بإذكاء ومنحه مجالاً للتدرب ومحاولة تحسين خطه عندما وضع عدة تمارين حيوية لمحاولة الكتابة بخط النسخ، وبالتالي فإن الكتاب فضلاً عن رسالته المعرفية فهو كتاب تعليمي من الدرجة الأولى، وتبقى مباشرة المعلومة وإتاحة الفرصة والمجال للقراء للتدرب، نقطة إيجابية تحسب للمؤلف ولهذا المنجز. وهو أيضاً يوضح الهاجس لدى الأميري لدفع القراء لتحسين خطوطهم..


bottom of page