top of page

عادات ترفض التغير

تطورت لدينا عدة مفاهيم، وباتت حياتنا المعاصرة مختلفة كلياً أو في معظم أجزائها عما سبقها من عادات مجتمعية، يمكن ملاحظة مثل هذه التغييرات في عدة نواح مثل التواصل مع بعضنا بعضاً والتعاطي مع الهموم اليومية التي تصادف الأقارب والأصدقاء . فيما مضى كانت هناك لحمة واحدة وترابط وتعاون للتغلب على أي طارئ يقع لأي فرد من أفراد المجتمع القريب منا . كانت طبيعة الحياة نفسها تحتم مثل هذا الانسجام والتلاحم، فالجميع في مركب واحد يحتاجون لبعضهم فمن هو مستغن اليوم قد يحتاج إلى الآخرين غداً . وهكذا من وسط الحاجة نبعت المساعدة على يد الآخرين، لدرجة أن البعض يقول إن عادة الكرم لم تأت وتتأصل في قلوب العرب إلا لكونها نوعاً من أنواع إسداء المعروف لأناس قد نحتاج إليهم في المستقبل . مع اختلافي مع مثل هذا القول لأن في تراثنا المئات من القصص التي توضح أن عادة الكرم كانت أصيلة وعميقة في الوجدان أكثر من محاولة تسطيحها بأنها نتيجة فاقة أو حاجة وحسابات للمستقبل . أعود للقول إن هناك عادات مجتمعية اندثرت تماماً واستبدلت المجتمعات الإنسانية قيماً جديدة وطرق عيش وتواصل مختلفة تماماً، تتضح مثل هذه التغييرات في طرق تعاملنا مع بعضنا ونلاحظها أيضاً من خلال وهن الروابط التي كانت فيما سبق قوية ومترسخة حيث باتت اليوم سطحية وتكاد تنقطع . وبغض النظر عن سوء مثل هذا الوضع لأني لا أناقشه الآن إلا أنه دليل على أن هناك قيماً تغيرت رغم أهميتها . في المقابل نستغرب أن بعض العادات مازالت قوية رغم أنها كانت أجدر بالتغير، بل كان من البديهي أن تجرفها موجة التبدلات التي ضربت المجتمعات . ولعل من أهم هذه القيم والعادات عادة الزواج في المجتمع الخليجي بصفة عامة، والتي، مع الأسف، لها جوانب متعددة فيها مازالت محافظة على وهجها وقوتها رغم ضررها البالغ، فبالرغم من أهمية أن تتبدل وتتغير وتساير الجوانب الجديدة في المجتمع، فإن المبالغة في المهور، وطقوس الزواج الطويلة والمملة والمتعددة لا تزال قائمة لدرجة تثقل كاهل الشباب وهم في مقتبل العمر . لعل فكرة الأعراس الجماعية كانت خير حل للخروج من دوامة الديون والالتزامات المالية غير المبررة التي تصادف شبابنا في أولى خطواتهم نحو تكوين وإنشاء أسر جديدة . كم أتمنى أن يحدث وعي أكبر وأعظم في القلوب والعقول يبدل تلك الرواسب القديمة عن الزواج التي تحث على التعقيد وتعيق إجراءاته وأن تتحول لطريقة ميسرة تدفع المزيد من شبابنا وفتياتنا نحو بناء حياة تكون نواة صالحة وبناءة في المجتمع .

لقراءة المقال من المصدر:


bottom of page