تمر علينا بين وقت وآخر كلمات محملة بالقنوط واليأس والألم والهم والسوداوية، نجدها مبثوثة في كل مكان على مواقع التواصل الاجتماعي ومختلف منصات ومنتديات شبكة الانترنت وصولاً إلى الكتب الأدبية التي تتنوع هي أيضاً بين الشعر والقصة والرواية والمسرح فضلاً عن كلمات نثرية عامة. وفي أحيان تكون مثل هذه الكلمات قاسية فعلاً وتوضح حجم الألم الذي يعتلج في الروح وما يدور في العقل من هم وضيق، ولقد كانت الكلمة دوماً سفيرة صادقة وساعية بريد وفية، فقد نقلت لنا كل هذه الزفرات دون أي تأويل وبلا أي تعديل أو تغيير، لذا تلفحنا وتحزننا تلك الكلمات، ولكن هذا الإرث ليس إرثاً سوداوياً كما قد يتخيله البعض ولا هو قنوط ويأس كما يظنه آخرون بقدر أنه تجارب وخبرات يمكن لنا جميعاً الاستفادة منها، بل إننا قد نكون محظوظين لمعرفتها مبكراً. عندما يبدأ أطفالنا أولى خطواتهم نحو الحياة والتسابق في مضمارها الواسع الطويل، فإنه من المناسب تغذيتهم بمثل هذه النصوص، ليس لجلب الهم لهم ولا من أجل إحباطهم وإنما من أجل تنبيههم وإبلاغهم بأنه فضلاً عن طول مسافات الطريق إلا أنه سيتم مشاهدة ويلات وعذابات وهموم وزفرات، ونحن بمثل هذه الطريقة كأننا نقوم بتغذيتهم بمصل يقيهم من المرض مثل الجدري أو أي من الأوبئة، ألا يقال بأن تلك الأمصال هي من نفس الوباء، من أجل تمكين مضادات الجسد من التعرف عليه، فإذا هجمت الفيروسات تمكن الجسد من المقاومة وصد المرض والتغلب عليه. بالضبط هذا ما يحدث عندما نتوقف مع اليافعين ونحدثهم عن الحياة وتشعبها وتعدد طرقها وخبراتها ومحطاتها وتلون ما سنجده فيها، نحن نمكنهم من التعايش ومن الفهم بهذه الحقيقة قبل الاصطدام بواقع لا يرحم قد يدمرهم ويجعلهم أنقاضاً وركاماً.
لم تكن قسوة الحياة ولا الألم الذي يحيط بنا فيها كذبة ولا هي خاصة بأناس دون آخرين، بل هي عامة وشاملة، والمهم أن نفهم هذه الآلية ونحصن أنفسنا ومن نحب لمواجهة هذه الحقيقة.. وكما قال أديب وفيلسوف أمريكي راحل: «طالما هناك حياة هناك خطر».