top of page

سآتي مرة أخرى







لا أحد يمكنه أن ينكر أهمية اللغة في التواصل والاتصال بالآخرين، اللغة جزء أساسي من الحياة البشرية بواسطتها نعرف ونتعلم ولا يمكن أن يتم تنفيذ أي مشروع أو التفاهم بشكل متين وعميق دون أن تسود اللغة المكان وتصبح لها الكلمة العليا، رغم هذا فإن المشاعر والأحاسيس يبقى لها دور حيوي ومهم في مختلف أنشطتنا الاجتماعية، لو التقى اثنان يتحدثان بلغتين مختلفتين وكل واحد منهما لا يعرف لغة الآخر، ولكن في قلب كل واحد منهما الرغبة في الاقتراب من الآخر، فإن اللغة ستزاح تماماً وسيجدان الوسيلة التي تجمعهما، بل والتي تمكنهما من الضحك مع بعض.

القصص التي تثبت هذا الجانب كثيرة ومتنوعة وفي مختلف الأزمان، وبين يدي واحدة من هذه القصص التي روتها إليزابيث ماسكي، حيث قالت: «اعتادت سيدة هندية من القبائل الأروكانية في رحلتها اليومية سيراً على الأقدام إلى تيموكو أن تحضر لوالدتي بيض طائر الحجل أو حفنة من ثمار التوت، ولم تكن أمي تتحدث اللهجة الهندية القديمة ولا تعرف منها سوى التحية ماي ماي، في حين أن السيدة الهندية العجوز لا تعرف اللغة الإسبانية، وعلى الرغم من ذلك كانت تحتسي الشاي مع والدتي وتأكل الكعك مقهقهة بامتنان، وكنا - نحن الفتيات - ننظر بإعجاب إلى ملابسها الملونة، والتي تتألف من طبقات تم حياكتها يدوياً، وسوارها النحاسي، وقلائدها المعدنية، بالإضافة إلى ذلك، كنا نتنافس في محاولة تذكر العبارة الرخيمة التي كانت تقولها العجوز الهندية في أثناء نهوضها للانصراف، وفي النهاية حفظنا الكلمات عن ظهر قلب، وكررناها أمام من يتقن اللهجة الهندية القديمة، ليترجمها لنا، وقد بقيت تلك الكلمات في ذهني وكأنها ألطف مجاملة قيلت أبداً، فقد كانت ترجمتها: سآتي مرة أخرى، لأنني أحب أن أكون بينكم». 

في مثل هذه القصة سنكتشف انتصار المشاعر الصادقة على قسوة اللغة وحاجزها القاهر، لقد انتصرت العفوية والبساطة على واحدة من أهم طرق التواصل بين البشر، لذا يجب علينا دوماً أن لا ننسى طرق ووسائل أخرى للتعبير قد تكون أكثر قوة وأعظم تأثيراً مثل الابتسامة مثل الامتنان مثل التواضع والضحك وانشراح الصدر والترحيب بالآخرين، لأنهم سيفهمون كل هذا مهما كانت لغتك، ويمكن أيضاً أن يشعروا برغبتك ببقائهم معك، لغة المشاعر يجب أن نوليها العناية ونهتم بها أيضاً.



bottom of page