لو أمعنا النظر بشكل جيد وتأملنا قصة المخترعات وأهم المبتكرات، فإننا سنجد دون أي ضبابية أن كل إنجاز انبثق من رحم المنافسة، وأن كل تطور جاء من وسط المعاناة ومواجهة الكثير من التحديات. ببساطة لم يكن شيء يحدث ويتم بسهولة، ولو ألقينا نظرة على كبريات الشركات في العالم التي قدمت خدمات مهولة وكبيرة للبشرية، وكانت مثالاً للنجاح والتفوق، فإننا سنجدها سعت لتحقيق التفوق على شركة منافسة أخرى أو أكثر، بمعنى أن الحافز والدافع كانا السباق المحموم، ولم يكن المحرك الرغبة وحسب. انظر بشكل جيد نحو صناعات السيارات على سبيل المثال في بداية عهدها في الولايات المتحدة الأمريكية كانت «فورد» وتنافسها «جنرال موتورز»، وفي مجال الطيران كانت «إيرباص» وتنافسها «بوينج»، وفي مجال الكمبيوتر والبرمجيات ظهرت منافسة أدت لتطور هذا المجال الحيوي، وكانت شركة «مايكروسوفت» للبرمجيات تعمل بجد ونشاط في هذا المجال وتنافسها شركة «آبل» التي طرحت جهازها الشهير «ماكنتوش» أو الذي يعرف باسم «ماك»، وهو يملك برمجياته الخاصة به والتي تميزت بإمكانياتها الكبيرة ومناسبتها للمهندسين والمصممين، ولو توجهنا نحو مختلف المجالات الأخرى سنجد ثنائية التنافس ماثلة وهي التي دفعت نحو التفوق، ففي الرياضة نجد نادي ريال مدريد ونادي برشلونة وهما من أكبر أندية كرة القدم في العالم سمعة وصيتاً وأيضاً تنافساً، والمباريات بين هذين الفريقين تكون حديث الناس في مختلف دول العالم. وفي مجال الهواتف الذكية من منا لم يسمع بكسر العظم والتنافس الشرس بين شركة «آبل» وشركة «سامسونج» والتي وصلت حتى القضاء والمحاكم؟ ولا تنس في المجال السياسي أشهر حزبين متنافسين في أمريكا: الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، وفي بريطانيا حزب العمال وحزب المحافظين. دوماً الثناية مفيدة وتجلب النجاح خاصة إذا كانت معايير التنافس والتسابق واضحة وقوانينها عادلة وتدفع وتشجع لأن النتائج ستكون إيجابية. لذا أقول إن كل مدير ذكي سيذكي روح التنافس والثنائية في مقر العمل بين موظفيه، وأنا متأكدة أنه سيجني ثمار هذه السياسة وسيلمس نجاحها من خلال الزيادة في الإنتاجية والدقة والابتكار والتميز، المهم ألا يغيب عن عقولنا العدالة ووضع قوانين شاملة تنظم هذا التنافس وتجعله في روح العمل ومن أجل الإنجاز والنجاح.