من أهم ما شغل العقل البشري منذ حقب زمنية طويلة وضاربة العمق في تاريخه هو التداوي، ويعد بعض علماء الآثار والإحاثة والتنقيب والتاريخ البشري أن صناعة الدواء هي من الصناعات الأولى التي اهتم بها الإنسان وأولاها العناية والاهتمام، وإن كان بعض هؤلاء العلماء لا يعدون الكشوف البدائية التي حدثت في هذا المجال في فجر البشرية بمثابة صناعة بقدر كونها ملاحظات وكشوفاً تمت من خلال التعامل اليومي، بمعنى أن الإنسان وضع يده على بعض العلاجات من خلال النبات مصادفة، وليس من خلال البحث والتحري، إلا أنه رغم هذا تعد صناعة الدواء واحداً من المجالات التي عرفها الإنسان منذ القدم، وهذا طبيعي كونها حقلاً له حاجة ملحة، في نفس أهمية اكتشاف النار والعجلة..كتب التاريخ والسّير توضح أنه منذ حقب زمنية ماضية في تاريخ البشرية أدركت الكثير من المجتمعات البدائية أنه يوجد في بعض النباتات علاج مفيد يقيها السموم أو يداوي لسعات البعوض والثعابين، فضلاً عن أمصال تم استخراجها من بعض الحشرات والحيوانات وجد فيها شفاء من عدة أعراض مثل الحمى وعسر الهضم ونحوهما. ويمكن أن تجد عدة نباتات معروفة لدينا اليوم، لكن استخداماتها العلاجية عُرِفت منذ عقود ماضية، على سبيل المثال لا الحصر نبتة الملوخية تعد واحدة من النباتات الطبية، التي تم استخدامها باعتبارها مهدئة للقرحة. وفي الطب الهندي والطب الصيني القديم، وفيما يُعرف حديثاً بطب الأعشاب، الكثير من النباتات التي عرفها الإنسان منذ زمن بعيد، واستخدمها في العلاج، ووصلت إلينا وتمكن العلم الحديث من فرز المواد الدوائية منها. والطب الحديث اعتمد كثيراً على مثل تلك الأعشاب في صناعة الدواء الكيميائي؛ بل تدخل في عناصره الكثير من مستخلصات النباتات العلاجية، أو تم الاستفادة من تركيبته بطريقة أو بأخرى. الذي نصل إليه أن العلاج بالأعشاب بصفة عامة، هو الحقل الأقدم في مجال الطب والتشافي، صحيح أننا نعيش نهضة طبية تستخدم في صناعة الدواء الكثير من العلوم والبرامج، إلا أن العلاج بالأعشاب يبقى له تاريخ طويل، ويحتاج إلى المزيد من الاهتمام؛ لأني مؤمنة بأن هناك المزيد من النباتات التي من إفرازاتها علاج للكثير من أمراض هذا العصر.