نسمع كثيراً عن فن إدارة الوقت، وهناك كتب كثيرة تتحدث عن هذا المجال، ودون شك أنه موضوع مهم، ويجب على كل واحدا منا أن يوليه العناية والاهتمام.
لكننا في غمرة هذا ننسى جانب مهم، وأعتبره أكثر أهمية، وهو معرفة الأولويات، بمعنى ان يدرك ويعلم كل واحدا منا ما هي أولوياته في الحياة، والتي يريد إنجازها واستثمار وقته من اجل العمل عليها، اعتقد أن هذا المحور هام، وهو من يستحق ان نوليه العناية، ثم الجوانب الأخرى، لأن الذي يحدث في كثير من الأحيان هو تخبط لأبنائنا وبناتنا، في اولى خطواتهم نحو مستقبلهم، كأنه يجربوا، وهم يهدرون الكثير من الوقت الثمين.. بين يدي قصة قرأتها قبل فترة من الزمن، وقد تكون مرت بالبعض منكم، تحمل ملامح مما أريد الإشارة له، وهي عن أستاذ جامعي، في قسم إدارة الأعمال، قام بإلقاء محاضرة، عن أهمية تنظيم وإدارة الوقت والأولويات في أعمالنا، "قام هذا الأستاذ بتقديم عرض حيا كمثال أمام الطلبة، في محاولته لتصل الفكرة لهم، كان العرض عبارة عن اختبار قصير، حيث أحضر أحجار كبيرة، وحصا صغيره، ورمل، وماء ودلو كبير، وضع الأستاذ الدلو على الطاولة، ثم أحضر عدداً من الصخور الكبيرة، ووضعها في الدلو بعناية، واحدة تلوا الأخرى، وعندما امتلأ الدلو سأل الطلاب: هل هذا الدلو ممتلئ؟ قال بعض الطلاب: نعم، فسألهم: أنتم متأكدون؟ ثم أخذ الحصا الصغير، ووضعها في الدلو حتى امتلأت الفراغات الموجودة بين الصخور الكبيرة، ثم عاد وسأل مرة أخرى: هل هذا الدلو ممتلئ؟ أجاب أحدهم: ربما لا، استحسن الأستاذ إجابة الطالب، وقام بإخراج كيس الرمل، ثم سكبه في الدلو، حتى امتلأت جميع الفراغات الموجودة بين الصخور، وسأل مرة ثالثة: هل امتلأ الدلو الآن؟ فكانت إجابة جميع الطلاب بالنفي. بعد ذلك أحضر الأستاذ إناء مليئا بالماء، وسكبه في الدلو حتى امتلأ، وسألهم أخيرا: ما هي الفكرة من هذه التجربة في اعتقادكم؟ أجاب أحد الطلبة: أنه مهما كان جدول المرء مليئا بالأعمال، فإنه يستطيع عمل المزيد والمزيد بالجد والاجتهاد. أجابه الأستاذ: صدقت.. ولكن ليس هذا السبب الرئيسي.. فهذا المثال يعلمنا أنه لو لم نضع الصخور الكبيرة أولاً، ما كان بإمكاننا وضعها أبداً. ثم قال: قد يتساءل البعض وما هي الصخور الكبيرة؟ في الحقيقة إنها، هدفك في هذه الحياة، أو المشروع الذي تريد تحقيقه، كطموحك من أجل إسعاد من تحب أو أي شيء، يمثل أهمية في حياتك، تذكروا دائماً أن تضعوا الصخور الكبيرة أولاً، وإلا فلن يمكنكم وضعها أبداً".
ببساطة لن تستطيع إدارة وقتك، وأنت لا تعلم ما الذي تريده. يجب علينا أن نعرف بشكل تام رغبتنا، ما الذي نريد انجازه؟ ما هي طموحاتنا؟ أي تخصص جامعي نريد أن نلتحق به؟ ما هي الوظيفة التي نحلم بها؟ ما الذي نريد تحقيقه في المستقبل؟.. حدد هدفك من الآن، لتعرف كيف تملأ دلو وقتك بالإنجازات ولتكن البداية للأولويات.