في العديد من المرات أثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي أجد الأشخاص الذين يقضون وقتهم في الحوارات والنقاشات، سرعان ما تتحول هذه الحوارات لمشاحانات وكلمات نابية بين الطرفين، وبالتالي فإن هذه المشاجرات، تصبح لا نفع ولا هدف منها، أعتقد أن نتيجة هذا الانهيار في قيمة الحوار التي نشاهدها على هذه المواقع، يعود سببها إلى انعدام ثقافة تقبل الرأي الآخر، أو فهم لدور الحوار وطريقته وآلياته، والذي يحدث ببساطة أن كل شخص يعتبر أنه يحمل الرأي الصحيح الغير قابل للتغيير، وفي اللحظة نفسها يفكر الطرف الآخر بنفس هذه العقلية، ويعتقد الشيء نفسه، لذا سرعان ما يدب الخلاف، وتختفي معه آداب الحور، ويبدأ كل شخص بالدفاع عن رأيه بشكل مقيت ولا أخلاقي.
فبل فترة من الزمن قرأت قصة على احد المواقع الالكترونية، تحكي قريبة مما ذكرته عن الضيق بالرأي الآخر، والعدوات التي تحدث نتيجة له، القصة تدور عن ثلاث أشخاص مصابين بالعمى وطُلب منهم أن يدخلوا إلى غرفة يوجد بها فيل ثم طلب منهم أن يحاولوا معرفة ما هو هذا الشيء الذي داخل الغرفة؟ بدأ كل واحد منهم بتحسسه، ومحاولة التعرف عليه وبعد انتهائهم خرجوا من الغرفة وأخذ كل واحد منهم بسرد أوصاف الفيل، فقال الأول إن الفيل عبارة عن أربعة أعمده في الأرض، بينما قال الثاني انه مخلوق يشبه الثعبان بشكل كبير، وقال الشخص الثالث انه يشبه المكنسة، رأى كل واحد من هؤلاء الثلاثة أن رأيه يختلف بشكل كبير عن الآخرين فأخذوا يتشاجرون ويتهمون بعضهم بالكذب وعدم اخذ الموضوع على محمل الجدية، قام العميان الثلاثة بوصف الفيل عن طريق تجاربهم فقط، لكنهم لم يلتفتوا إلى تجارب الآخرين. فلم يدرك أي واحد منهم أن الشخص الأول قد امسك بأقدام الفيل، بينما قام الشخص الثاني بمسك خرطومه، أما الشخص الثالث كان ممسكاً بذيله.
وهكذا هو حال البعض ممن يتواجدون على مواقع التواصل الاجتماعي، هم عميان، ولا يتحسسون من الحقيقة إلا جزء منها، ويتعصب لها ويفند رأي الآخرين بل ويعاديهم.
يجب أن لا نعتمد على آرائنا فقط، بل أن نلتفت إلى آراء الآخرين التي إذا اجتمعت قد تُكون الصورة الصحيحة للفيل، عفوا أقصد للحقيقة...!