تمر بنا جميعاً، مواقف أو نسمع قصص، محملة بالتنكر والجحود والغدر، وفي حياتنا الإنسانية الكثير جدا من مثل هذه القصص التي تروى عن من قدم الإحسان ووجد الجحود، أو من بذل الخير ووجد الشر، وإذا هذه الصورة القاتمة في البعض من الأحيان توجد حتى داخل الأسرة الواحدة، حيث يعاني الأب أو الأم من جحود الأبناء، فما بعده أهون وأخف وطأت.
الجحود والتنكر للمعروف، ليس وقف على شعب، أو مجتمع، أو أمة من أمم الأرض، بل هو عام وشامل، ولن تجد مجتمع بشري يخلوا من صفات الجحود، والغدر والتنكر والخيانة.. أستدعي هذه الكلمات بعد أن قرأت في كتاب جميل حمل يحمل عنوان: الموسوعة العالمية للأساطير الشعبية، وتحديدا بعد قرأت إحدى الأساطير الشعبية من كوريا تقول، تحمل ملامح مثل هذا التنكر، وغن كانت في قالب بين حيوان وإنسان، تقول الأسطورة: "كان أحد المسافرين يستعد لقضاء ليلته في الصحراء، سمع أنيناً خافتاً، فتوجس خيفة وانتفض انتفاضة العصفور بلله القطر، وقام واقفاً ينظر في كل الجهات، إلا أن الرؤية كانت صعبة، لأن الليل أسدل ستائره على المكان ولفه بعباءة قاتمة السواد، أشعل الرجل بعض فروع الأشجار والتي جمعها للتدفئة، وعمل بعض المشروبات الساخنة، فأضاءت المكان واتضحت الرؤية نوعاً ما، وأمعن النظر فوجد نمراً واقعاً داخل حفرة عميقة، نظر النمر إلى الرجل وتوسل إليه قائلا: أرجوك خلصني من هذا الفخ، وسأكون ممتناً لك بقية حياتي، وافق الرجل وأنزل فرع شجرة إلى النمر الذي في داخل الحفرة، كي يتسلق عليه ويخرج. وبمجرد أن خرج النمر من الحفرة، انقض على الرجل، ولكن الرجل ابتعد عنه بسرعة، وقال له: تمهل، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان، ظننتك ستشعر نحوي بالامتنان، فأجاب النمر: لقد قام رجل مثلك بنصب هذا الفخ لي، ولذا يجب أن يعاني أحد الرجال معاناتي نفسها. حينئذ مر أرنب بري وسأل عن المشكلة، فشرح له النمر الأمر، وسأله إن كان يوافقه الرأي أم لا؟ الأرنب سأل النمر: علي أولاً أن أرى الحفرة بنفسي، أين كانت بالضبط؟ أجابه النمر ثم قفز داخل الحفرة. فسأله الأرنب هل كان فرع الشجرة معك؟ فأجابه النمر: كلا، فالتقط الأرنب فرع الشجرة وألقي به بعيداً، وترك النمر في الحفرة، وطلب من الرجل المسافر، أن يمضي إلى حال سبيله، وصرخ النمر نحو الأرنب في يأس بينما كان المسافر يسير بعيداً، كيف تخونني؟! أجابه الأرنب: إنني أحكم على كل شخص من خلال شخصيته...". وقد كانت شخصية النمر هي الغدر والخيانة، هذا متداول في الثقافة الكورية.. إن فعل التنكر والخيانة، ممارسة مؤلمة، لا يمارسها إلا من في قلبه مرض ووهن، وفي نهاية المطاف فإن هذا السلوك يرتد على صاحبه طال الزمن أم قصر.