"العلم لا يفسر كل شيء" هي أول عبارة يمكن أن يهاجمك بها أحدهم عندما تعترض على خرافة أو معلومة زائفة فسرت تفسيراً علمياً خاطئاً، الحقيقة أن هذه العبارة تحمل بعض الصحة، لا تزال هناك ظواهر طبيعية لم يفسرها العلم، وهناك أمراض بلا علاجات، ونظريات لم تثبت صحتها، في مثل هذه الحالات يلجأ العلماء إلى "الفلسفة" فالفلسفة تفسير غير علمي –غالباً- إنما هي التفكير العميق والمجرد للوصول إلى "الحقيقة"، في هذا السياق أقتبس قول العالم و الفيلسوف البريطاني بيرثراند راسل الحاصل على جائزة نوبل للأدب عام1950 : "العلم هو ما تعرف، والفلسفة هي ما لا تعرف".
وتعد الباراسيكلوجي، أو علم ما وراء النفس، مثالاً على مجال يجمع بين العلم والفلسفة، فهي من العلوم التي تختص بدراسة الظواهر الغريبة، لذلك فإنها أيضاً تسمى "علم الخارقية" وتأسس أول مختبر لدراسة تلك الظواهر الخارقة في القرن العشرين في جامعة ديوك الأمريكية، ومن النظريات التي يدرسها القدرة على تحريك الأشياء من خلال التركيز العقلي فقط، والتخاطر، والتنبؤ، والاستشفاء، وآلية خروج الروح من الجسد، والحاسة السادسة، وغيرها من الأمور الغامضة، رغم ذلك فإن معظم العلماء يصنفون الباراسيكلوجي ضمن العلوم الزائفة، فالتفسيرات الفلسفية – خصوصاً فيما يتعلق بأمور الأرواح - أكثر من الإثباتات العلمية، رغم أن الفيلسوف الألماني ماكس ديسوار، هو أول من استخدم مصطلح "الباراسيكلوجي" وبدأ بتفسير ظواهرها، رغم ذلك يوجد علماء يرون أنه علم حقيقي، لكنه بحاجة إلى جهود أكبر، مثل العالم النمساوي فولفغانغ باولي، الحائز على جائزة نوبل للفيزياء عام1945.
وأعتقد أني أميل الى هذا الرأي، فلو قرأنا التاريخ وعدنا بذاكرتنا إلى الوراء قليلاً لوجدنا أن معظم العلوم والاختراعات، كانت نتيجة لفكرة وجدها البعض خيالية ومستحيلة، على سبيل المثال عندما اخترع الهاتف على يد العالم والمهندس "ألكسندر جراهام بيل" كان البعض يرفض استعماله بحجة أن الصوت يصل بطريقة "شيطانية" إلى الطرف الآخر، كذلك لا ننسى أن أول عملية "زراعة قلب" لاقت احتفاء كبير بعد نجاحها، ذلك يعود لأن الفكرة كانت مستنكرة في البداية.
الذي أصل إليه أن العلم لا حدود له لذلك يجب أن نتمهل قبل إطلاق الأحكام، وألا ننسى أن خرافات الأمس هي حقائق اليوم، فلماذا نستبعد أن تكون خرافات اليوم حقائق الغد.