من باب السخرية والدعابة هناك من ينعت شخص قام بتغيير رأيه أو موقفه بسرعة، بأسماء بعض الأمراض النفسية أشهرها مرض الفصام حيث يقول مثلا " استقر على رأي واحد، كأنك مصاب بفصام الشخصية؟!" وعندما تسأل هذا الشخص عمّا يعرفه عن هذه الحالة سيقول غالبا أنه مرض عقلي يجعل للشخص أكثر من شخصية.
بات هذا الاعتقاد حول هذا المرض صلبا في أذهان الناس بفضل الإعلام، والسينما والأقاويل المنتشرة والقصص العارية من الصحة..
إلا أن الفصام يعرّف على أنه اضطراب حاد في الدماغ يشوه طريقة الشخص المصاب به في التفكير، والتصرف، والتعبير عن مشاعره، والنظر إلى الواقع ورؤية الوقائع والعلاقات المتبادلة بينه وبين المحيطين به. ومن أعراضه الأوهام والهلوسة والانشغال بفعل أمور بشكل متكرر لا معنى لها، وتكرار كلمات وجمل ركيكة وغير مرتبة وتعبير عن المشاعر بطريقة غريبة مثل التعبير عن الحزن بالضحك والفرح بالبكاء وهكذا.
ومن خلال هذه الكلمات الموجزة جدا عن الفصام وعالمه الغريب لا يوجد أي تلميح أن الشخص المنفصم لديه أكثر من شخصية، ولكن اللبس والاعتقاد الخاطئ نشأ عند بعض الناس لأن المرضى غالبا ما يتوهمون أن هناك أصوات في رؤوسهم تتكلم معهم أو أنهم يشاهدون شخصيات معينة تتفاعل معهم.. هذه الأوهام فسّرها البعض تفسير غير طبي وغير صحيح على أن المريض لديه شخصية أخرى.
من جانب آخر، هناك اضطراب يدعى اضطراب تعدد الشخصيات وهو مختلف كليا عن الفصام من ناحية التشخيص والأعراض والعلاج ونادر أيضا، غير أن هذا الاضطراب هو ما تدور حوله معظم قصص الأفلام التي تتناول مواضيع الأمراض النفسية، مما جعل الناس تخلط بينه وبين الفصام.. هذا الاضطراب كان يسمّى بتعدد الشخصيات سابقا ومن ثم تم إيضاح أن المريض يعاني من انشطار أو انشقاق في شخصيته، لذلك سُمّي الآن باضطراب الهوّية الانشقاقي. من أعراض هذا الاضطراب الانعزال والاكتئاب وفقدان للذاكرة، ويكون المريض غالبا غير واعي بتعدد شخصياته أو بتنقله بين هذه الشخصيات، ورغم أنه مرض نادر ولا يصيب إلا ١٪ من الناس إلا أنه مدمر جدا وقاتل.
خلاصة القول أن الفصام انفصال عن الواقع، واضطراب الهوية الهويّة الانشقاقي هو تعدد شخصيات المريض.
لعل الخطوة الأولى للتعامل الصحيح مع المرضى النفسيين وتقبّلهم في المجتمع هو في فهم ماهيّة أمراضهم وتصحيح ما يحدث من خلط واضح في المفاهيم وتنمية الفهم والمعرفة بطبيعة المرض نفسه.