ألم يسبق أن مر بك لحظات من الألم والحزن دون مبرر أو سبب واضح؟ ألم تشعر في يوم بأنك حزين، وفي اللحظة نفسها لا تعرف السبب؟ أو لا يوجد سبب لمثل هذه الكآبة؟
أتوقع أننا جميعا أو على الأقل معظمنا مر بمثل هذه المشاعر، وهذه ليست سيئة، أو أنها صفة نقص، بل قد تكون إيجابية ومفيدة للشخص الذي يوظفها لصالحة، ويقتنص منها المفيد خلال مسيرته الحياتية.
أما كيف يوظفها لتفيده؟ فمن خلال أخذ العبرة، ومعرفة حجم الحزن، وما يسبب في النفس من شعور كارثي قد يكون في البعض من الأحيان محطما وكاسرا للروح والطموح داخل الكيان الإنساني، عندما تمر بك مشاعر من الحزن، وتغطيك كآبة، وأنت تنعم بالخير، وكل ما حولك من الأحبة بسلامة وخير، فتذكر عندما تعصف بك هذه الحالة نعمة الله عليك، وأسترجع ما يحيط بك من كل هذه الأنعام والخير العميم، هنا تكون قد وظفت هذه المشاعر بشكل ايجابي ومفيد.
لكن وبما أننا نتحدث عن الحزن والكآبة، فإنه ودون شك الإنسان معرض لمخاطر ومواقف حياتية تجلب وتستدعي كل هذه الحزن والألم النفسي، كفقد الحبيب أو القريب أو الرفيق، وهذا هو حال الدنيا لقاء وفراق، ولكن الصبر وفضيلة الإيمان تحمي وتجلب القوة للإنسان، قد يكون من السهل على إنسانه مثلي أن تفلسف الكلمات وتكتب جمل حول المثالية عند نزول المصيبة، ولكن – أعاذنا الله وإياكم – تبقى كلمات ناقصة، إذا لم نشعر بنفس مستوى ما يشعر به من يعتريه الألم والإحباط والشعور بالهزيمة، نتيجة لأي فاجعة من فواجع الدنيا.
يبقى لنا جميعا رابط قوي وجسر كبير وهو الأمل، بهذه الفضيلة يمكن تجاوز الكثير من العقبات، ونتغلب على الكثير من الأحزان، ولكن هذا الأمل سيكون ناقص ووحيد وعاجز تماما عن مساعدتنا إذا لم نقوه بفضيلة أخرى وهي الإيمان بأقدار الله والتسليم بها.
الأمل يعني تجديد الحياة، ولا ينعي النسيان، وتجاوز ذكريات الأحبة، ولكنه يعني الاستمرار في الحياة بكل ما تطلبه منا من بذل وسعي وجهد وتفكير، وحضور نفسي سليم، الأمل يعني البقاء على العهد والوفاء، لمن فقدنا، ولكنه في اللحظة نفسها يطلب منا عدم التوقف على الأطلال والنحيب، بل ديمومة العمل وأعمار الأرض، يعني أن نحلم من جديد، ونجدد الأمل ونقويه بالمثابرة والسعي لكسب الرزق، لنتغلب على كل حزن ونتجاوز كل كآبة مهما كانت الأسباب...