top of page

هل غيرتنا التكنولوجيا؟

دار حوار ونقاش طويل حول الإجابة عن تساؤل: هل للتقنيات الحديثة أثر على حياتنا؟ وهل غيرت من طبيعة تفكيرنا وتعاملاتنا؟ وكنت منذ الوهلة الأولى أقف تماما مع الإجابة بنعم، وأعتقد أنكم وشريحة طويلة قد تتفق معي بأن التقنيات لها أثر بالغ على حياتنا، لكن المفاجأة الحقيقية هو ظهور أصوات قوية تقف مع الإجابة "لا" وهي لا تقول بأن التقنيات الحديثة والتكنولوجيا التي رافقتها ليس لها أثر، بل يذهبون لأبعد عندما يتحدثون بشواهد، على سبيل المثال، يتساءلون عن أثر التقنية في الكلمات أو الحديث، ويقولون أننا لازلنا نتكلم مع بعض سواء عبر الهاتف أو وجها لوجه أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والدليل أن أحاديثنا وكلماتنا هي نفسها، أننا مسئولين عنها قانونيا أمام السلطات الأمنية عند الشكوى بالاعتداء اللفظي من الغير، أو عند تهديد أمن المجتمع، بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة.. وبهذا المنطق كلاماتهم صحيحة، ولكن الذي يقصد من التغير الذي أصاب البشرية نتيجة للثورة المعلوماتية، وتدفق المعلومات كالسيل وما رافقها ويرافقها يوميا من تطويرات ودخول تطبيقات حديثة ومواقع للتواصل جديدة بخدمات أضافية، لا يتعلق الأثر بالكلمات والجمل التي تقال، وإنما بمصدر هذه الكلمات وهو الإنسان الذي تعلق بهذه الأجهزة والبعض تمر عليهم الساعات الطويلة دون أي تفاعل مع محيطة، بل أن هناك من بات يعتقد أنه في غنى تام عن الالتقاء بالآخرين والتفاعل الاجتماعي مع حتى أقرب الناس له، بسبب هذه التقنيات، وبالتالي تكون هناك سلبية بالغة وكبيرة جدا، سلبية تتعلق بالأخلاق والسلوكيات والنفسية ومدى تضررها من أي إصابات وأمراض، والقائمة طويلة، فهل في نهاية المطاف سيكون حديث وكلمات مثل هذا الذي يستخدم التقنية موزونة ومثالية؟ الإجابة دون شك ستكون "لا" سيكون هناك خلل في منطقة ومنطلقاته وفي أفكاره، وبالتالي نعود لنقطة البداية أن التقنيات لها أثر بالغ كبير ليس على العموميات في حياتنا، وليس على أشكال سطحية من هذه الحياة، بل باتت تلامس عمقنا ودواخلنا، وهذا طبيعي أمام كل هذا الزخم، والحل دوما ليس في الرفض وفي المقاومة لأنها ستكون جهود دون طائل منها، أو كمن يريد أن يغطي الشمس بغربال كما يقال، وليس الحل في التجاهل، بل التصرف الصحيح، هو التوعية، هو تفهم طريقة عمل هذه التقنيات، ثم العمل على تسخيرها لتكون ايجابية ومفيدة، دون الدخول في مقاومة أو رفض، وأيضا دون محاولة إنكار أثرها ومدى ما أحدثته في مختلف مفاصل حياتنا


bottom of page