ظل المستقبل، أو ما سيحدث فيه، أو كيف سنعيشه، هاجس لدى الإنسان على مختلف العصور والحقب، العلماء على وجه التحديد أشغلهم دوماً مستقبل البشرية، وما إذا كان مشرقاً أو أنه مظلم وتهدده المخاطر ويحيق به الفناء. لذا نرى كل هذه المنجزات والدراسات في مجالات الفلك وعلوم الأرض والمناخ والكيمياء والفيزياء، وغيرها كثير. معظم هذه المنجزات العلمية كانت تستهدف إماطة اللثام عما نجهله، وأن نعرف أكثر عن العالم الذي نعيش فيه، والكون الذي يحتوينا، فضلاً عن هذا فإن العلماء أكثر استشعار ومعرفة بالأخطار التي تهدد سلامة الأرض من خلال انبعاث الغاز القاتل أو من خلال التجارب النووية المميتة التي تجرى وسط المحيطات والبحار أو في الصحاري والقفار، والتي تقضى على الحياة الفطرية وتهدد النظام البيئي الضعيف للأرض، وغيرها من الأخطار. قد يسأل البعض ما الذي قد يحدث في المستقبل ويكون فيه تهديد للوجود البشري والحياة على كوكب الأرض؟ العلماء عندما يتحدثون عن المستقبل، يريدونه مشرقاً، لكن في الوقت نفسه يقلقهم كل هذه المخترعات والتطورات في التقنيات، فهم قلقون من تطوير الذكاء الصناعي على سبيل المثال، حيث يعتبرونه تهديد واضح للإنسان، لأنه سيتفوق على ذكائنا، وعلى أي عبقري، وبالتالي تصبح الآلة هي المتحكمة وتسبق الإنسان دوماً، رغم أن المتحمسين للذكاء الصناعي، يعتبرونه، نقلة عظيمة للبشرية، فقد تتمكن العقول الفائقة الذكاء من إيجاد حلول لكثير من الأمراض والمشاكل التي يعانيها إنسان اليوم، لكن العلماء لديهم مخاوفهم الحقيقية، فهم أيضاً يقلقون من جوانب أخرى مثل أن يصل الإنسان لتقنية إلغاء الجاذبية الأرضية، وهذه رغم أنها ستفتح آفاق واسعة لتنقل الإنسان والتقارب الفعلي بين الأماكن، لأنها ستقود لغزوا الفضاء والتنقل بين الكواكب وبناء مستعمرات، ليس هذا وحسب إنما ستؤدي لتغيير جسيم في جميع الآليات والتقنيات الحالية وإلغاء النمط البشري المعتاد في الحياة برمتها. نحن عندما نقرأ مثل هذه المخترعات والكشوف البعض منا قد يتحمس لها، وآخرين يستبعدون إمكانية تحققها، وبالتالي يرفضون مجرد التصديق بأنها ستصبح واقعاً في يوماً ما. أما من سيتحمس فهو ينسى ما سيرافقها من صعوبات حياتية، وتغييرات جسيمة، والحال هنا لا يشبه الخوف من الجديد ورفضه، لكنها مخاوف في محلها تماماً لأن هذه الكشوف ستؤدي لتغيير تام لطبيعة الإنسان نفسه وطريقة حياته وأسلوب حياته على الكرة الأرضية. أما من يقول بأنه من المستحيل حدوثها، فلا شيء مستحيل أمام تطور العلم وقوته، ولدينا نماذج مهولة كثيرة من علوم، قبل عقد واحد، لم نكن نصدق إمكانية تحققها، ولكنها اليوم واقع نعيشه. لست من رافضي التطور، بل من المستحيل أن تكون آرائي في أي يوم مناهضة لأي فكرة تطويرية، لكنني أهدف لإلقاء نظرة عميقة ومتفهمه لمخاوف العلماء، لا أكثر ...