
بطبيعة الحال لم يعد التساؤل يدور هل نحن نعيش في عصر متميز بالمعلوماتية والتطور؟ أو أن أمام البشرية المزيد من الخطوات نحو هذا التقدم، والمزيد من الاستخدامات للتقنيات التي من شانها تسهيل الحياة بشكل أكبر مما هي عليه الآن. الحديث لم يعد يدور، هل بلغت البشرية نقطة التطور التام، أو هي في طريقها نحو هذه النقطة، خاصة ونحن فعلا نعيش الكثير من الوهج ونقرأ ونسمع ونشاهد عن المزيد من المخترعات والتجارب التكنولوجية. جميع هذه التخمينات والأحاديث التي تحاول استشراف المستقبل، ليست ذي جدوى خاصة إذا كانت بعيدة عن التخصص والمعرفة التامة بجوانب مهمة عند تناول المستقبل وما ستكون عليه حياة الإنسان خلال هذا المستقبل. إن ما يمكن أن يكون لب لأحاديثنا وحواراتنا وجميع مناقشاتنا، قد تغيب وتنسى بشكل تام عند البعض وهي حول كيف نستفيد من كل هذا الوهج التقني المتميز، ومن كل هذه التطورات المتلاحقة. وهذه نقطة جوهرية ومهمة، حيث يتمثل لنا وجود سطحية بجوهر وعمل التقنيات الحديثة وخصائصها، وهذه السطحية أو عدم المعرفة تكبدنا خسائر مادية غير مبررة، أسوق مثال يوضح الفكرة التي أود طرحها، حول الهدر المالي، عندما يقوم شخص ما بشراء جهاز هاتف ذكي، وفق أعلى المواصفات وذا ذاكرة كبيرة، ويحمل خصائص كثيرة، وهو في الحقيقة لا يستخدم هذا الهاتف الذكي، إلا في الاتصال والرد على المكالمات الواردة إليه، وفي أفضل الأحوال استخدام بعض التطبيقات كالوتساب وتصفح حسابه في تويتر، ولا شيء آخر.. هذا الجهاز الحديث الذي يحتوي على مواصفات وخصائص كبيرة، كبد صاحبه مبلغ كبير، كان من الممكن تخفيضه لأكثر من النص، لو كان على فهم ومعرفة بحاجته المحددة، وإمكانيات الجهاز الذي يريد اقتنائه. من هذا المثال والجزئية، أذهب نحو الموضوع الحقيقي الجدير بالمناقشة والتوقف عنده ملياً، وهو هل نفهم التقنيات؟ بمعنى هل نفهم التطور ماذا يعني؟ بمعنى أوضح هل نستطيع الحكم بوضوح وعلى مستوى شخصي ما الذي نحتاجه من كل هذا السيل المعلوماتي؟ ثم كيف نتعامل معه؟. مثل هذه التساؤلات مهمة لكل واحدا منا، لأنها توضح لنا المكان الذي يجب أن نذهب إليه ونصله في استخدام كل التقنيات لتسهيل حياتنا وليس العكس، ليس من أجل أن نتكبد العناء وخسائر مادية غير مبررة، فالتقنيات تدخل في كافة تفاصيل حياتنا داخل منازلنا وسياراتنا وأيضا هواتفنا، فلنأخذ منها القدر الذي يساعدنا في أعمالنا ومهام الحياة، ولنسأل السؤال البسيط عند كل عملية شراء، عن إمكانيات الجهاز، وعن حاجتنا.