جميعنا نعرف، ما يسمى بقراءة الكف، وقراءة الطالع، وقراءة الفنجان، وقراءة الأبراج، وغيرها من القراءات، والتي أعتقد أن لا فضيلة فيها إلا لكمة قراءة، والباقي خزعبلات ولا أساس لها، رغم أن قراء الكف يجادلون بأن هذه الممارسة عبارة عن علم حقيقي، ويفسرون الرفض له لوجود ضبابية في علم قراءة الكف، وعدم معرفة، وأن الناس أعداء ما جهلوا، أما كيف علم؟ فهم يجيبون، مباشرة: أنظر لكف اليد، التي هي إعجاز بكل ما تعني الكلمة، فالخطوط المتواجدة فيها مختلفة ولا يمكن أن تتكرر في اثنين من الناس وتكون متشابه، وهذا يعني اختلاف أقدار كل واحد منهما، حيث يوجد خط الحياة، وخط الوفاة، وخط الرزق، وخط الصعاب والأحداث... إلخ. وبدراسة هذه الخطوط وتفسير معناها، يمكن أن تعطي للقارئ لمحة عن حياة صاحب الكف.
ويضيفون بأن الرفض لكل علم جديد يتكرر في كل عهد وزمن، وتحت أي حضارة، ويذكرون البشرية كيف واجهت علم الفلك، ألم يسمى خرافات وتم رفضه؟ وامتد الرفض لتفسير المد والجسر وأثر القمر، ودوران الكواكب والجاذبية، وغيرها من الظواهر الفلكية، بل يستشهدون برفض علم الرياضيات والكيمياء والفيزياء، ويذكرون: ألم يكن علم مثل الكيمياء تحديداً يسمى بخرافات وخزعبلات؟ وتوجد كتب نشرت قبل مائتين عام فقط، تجرم المشتغلين بالكيمياء، وتعتبرهم سحرة.
وقديما كان علم مثل الكيمياء لا وظيفة له إلا في مهمتين اثنتين فقط، وهما: محاولة اكتشاف الطريقة لتحويل المعادن الرخيصة المنتشرة مثل الحديد والنحاس إلى ذهب وفضة، وبطبيعة الحال هذا الجانب لم يتحقق رغم أنها رغبة لدى كل من اشتغل في هذا المجال قديما، أما الثاني، فالسعي لمزج المواد وإيجاد دواء شافي لكل الأمراض والعلل التي تصيب الإنسان وبالتالي تزيد في عمره ولا بأس إذا مكنت الإنسان من الخلود، وأيضا هذا المجال لم يتحقق فيه أي تطور، سوى في خرافات وأساطير لا أكثر ولا أقل، ونعلم في هذا العصر أنه لا أساس لها من الصحة.
أعود لقراءة الكف، والتي يزعم البعض بأنها علم، ومن الطبيعي أن يتم رفض الاعتراف بها، لكونها علم حديث ولازال في مراحله التأسيسية، وهذه المرحلة هي الأصعب والأشق في مسيرة أي علم جديد، توجد لدي قصة، روتها لي إحدى الصديقات عن جارتها حيث قالت: "أنه خلال رحلة سياحية خارج الدولة، جاءت عرافة لديها وزوجها، وقراءة الكف، فتنبأت بأن زوجها سيتزوج بامرأة ثانية، وأن هذا واضح من خلال وجود خط متفرع من الخط الرئيسي الذي يمثل الزواج، تقول تلك الجارة، بأنها وطوال عامين، كانت عظيمة الريبة في زوجها، وشديدة المراقبة له، ليس لتمنعه من الزواج بامرأة ثانية، وإنما لأنها لا تريد أن يخدعها فقد حذرته بأنها ستترك البيت وتطلب الطلاق.
في نهاية المطاف، وبعد مضي العامين، وخلال عمل الزوج لساعات إضافية من أجل تحصيل مكافأة مالية في نهاية الشهر، انتقل إلى رحمة الله، أثر نوبة قلبية مفاجئة في مكتبة، ببساطة كان يكدح من أجل لقمة العيش...