كثيرون من لديهم صورة ضبابية، وغير واضحة لمهام ودور الوزارة الجديدة وزارة السعادة، وهذا شيء طبيعي في ظل حداثتها، بل في ظل فكرتها الغير مسبوقة والفريدة حتى على مستوى العالم، فكيف على مستوى عالمنا العربي ومنطقة الشرق الأوسط؟ مؤكد أن هناك الكثير من التساؤلات التي يتم طرحها، من هذه التساؤلات قائل قد يقول، لو شعرت في يوم ما، بأنني حزين وغير سعيد، هل يمكن أن أتصل على وزارة السعادة؟ وآخر يقول لو أنه تم فصلي تعسفياً من عملي وأصبحت تعيس، أليس من واجبات هذه الوزارة الفتية أن تعيد لي السعادة؟ وثالث يسأل لو قدر وحدث خصام وعراك مع زوجتي وحدث انفصال، وخيب الحزن على عشنا الزوجي وعلى أطفالنا، هل يمكن لوزارة السعادة مساعدتنا؟ وإذا أرتم تعقيد الموضوع، فما عليكم إلا القول بأن كلمة السعادة غير مؤطرة وغير محددة، فمن يشعر بالسعادة لنجاح أو تقدم أو ارتقاء وظيفي، قد يكون هناك آخر تعيس بسبب عدم ترقيته، ومن يسعده تحقق حاجة، آخر قد لا تسعده تواجد هذه الحاجة بين يديه، وهناك من يقول أنه من الصعب تعريف السعادة، لأنها حاجة لنا جميعا، لكنها تشبه الروح بمعنى أنها من غير ماهية.
والقائمة طويلة جداً، من مثل هذه الأقوال، فضلاً عن الهموم الإنسانية والمشاكل اليومية التي نعيشها وتسبب لنا الأرق والشعور بالحزن، و التي لا تنتهي.
إلا أنه في نهاية المطاف تكشف لنا هذه الجوانب جميعها الأهمية القصوى لهذه الوزارة، وأنها متداخلة في كل زوايا حياتنا اليومية، وأنها على درجة عالية من الأهمية، وموضوعها وعملها يتناول مهمة جسيمة وكبيرة جداً.
فهل توجد وظيفة أعلى وأرقى نبلاً من محاولة جعل الناس سعداء؟ هذا هو الهدف في نهاية المطاف، ويبقى تحقيقه مسيرة طويلة من العمل والتنسيق، وهنا تكمن الأهمية القصوى لهذه الوزارة الفريدة.
وكمال قال الفيلسوف والحكيم اليوناني الشهير سقراط : "السعادة هي هدف البشرية الحقيقي ". وإذا عرفنا أن هذا الفيلسوف قال كلمته تلك في عام 400 قبل الميلاد، وأن هذه المقولة نعتبرها اليوم وفي هذا العصر بديهية ولا أحد يغالط أو يشكك فيها، ورغم هذا حدث تجاهل لجوهر السعادة والعمل من أجلها ومن أجل بثها وتحقيقها.
هذه الوزارة الوليدة، أمام عدة تحديات، وهي تؤسس لعمل جديد وفريد، ورسالتها ورؤيتها وأهدافها جميعها جوانب تحتاج للعمل وبعض الوقت لتظهر على الواقع، فلابد من سن قوانين وأنظمة داخلية توضح المهام والبرامج التي ستسعى لتحقيقها، لعل من أهم هذه المهام بناء جسور من التعاون والعمل المشترك مع الوزارات والهيئات ومؤسسات المجتمع المختلفة.
ونحن على ثقة تامة بان هذه الوزارة ستكون إضافة جوهرية وكبيرة لمسيرة بلادنا في الرقي والتطور والتقدم الحضاري.