كثيرون يرهنون حياتهم بالآلة، وأقصد تحديداً بالاختراعات البشرية، ويفترضون أن هذه الآلة دقيقة ولا يمكن أن تخطئ أو تسبب أذى، وآراؤهم ووجهات نظرهم تحمل الكثير من الصحة، فالآلة عرفت بدقتها وأيضاً بإنتاجيتها المستمرة، ولكن هذا لا يعني ديمومة الفعالية، لأن الأعطال تحدث لأي سبب، عندها تقع الكارثة التي كان يمكن تلافيها.
لا أريد أن يُفهم من كلماتي أنني أقف ضد التطور والتكنولوجيا أو عدم إدخالها في تفاصيل حياتنا، لأنني سواء قلت بهذا الرأي أو عارضته، فهي واقع لا مناص منه، فلا يمكن لأي إنسان اليوم أن يقف ويحارب أو يعارض التمدد المعلوماتي والتقني.
لكنني أقول بأن نكون أكثر حذراً خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلامة أو بالحياة والموت. أضرب مثالاً للمزيد من التوضيح يتعلق بتكنولوجيا السيارات وتحديداً فيما عرف بمثبِّت السرعة، حيث سمعنا قصصاً متواترة عن خلل يمنع قائد المركبة من محاولة فصله، وبالتالي لا يستطيع التحكم بسرعة مركبته، فتظل السرعة كما هي رغم محاولته تقليل السرعة، مثل هذه القصة رغم ندرتها إلا أنها حدثت ومن خلالها نعلم أن التكنولوجيا خذلتنا. هذا على الجانب الفردي، لكن هناك تكنولوجيا خذلت أناساً كثيرين وتسببت في كوارث جسيمة، مثلما حدث في الصين وتحديداً في عام 2008 عندما وقع زلزال مدمر، لم ترصده أجهزة رصد الزلازل الحديثة، ما تسبب في وَفَيات كثيرة، لكن الغريب في هذه الحادثة هو ظهور راصد طبيعي للزلزال لم يتم التنبه له، لا من علماء البيئة ولا من علماء الأرصاد والأرض، بل تم تجاهله إنه الحيوانات، فقد كانت قبل وقوع الزلزال المدمر بعدة أيام في حالة خوف شديد والبعض منها اختفى، بل يقال إن الضفادع هربت بشكل كثيف عبر شوارع مدينة غوييانغ الصينية. وتكررت الظاهرة في مدن صينية أخرى، بل في مدينة أوهان وتحديداً في حديقة الحيوانات، تم رصد موجة شديدة من الاضطراب ، لدى البعض من الحيوانات مثل الفيلة التي كانت تضرب برأسها القضبان الحديدية، بينما كانت الأسود والنمور تزأر، ولم تصمت الطيور وتحديداً الطواويس عن الصراخ، والسبب أنها علمت بما فطرها الله به بقرب وقوع الزلزال المدمر، بينما الإنسان وهو متس
لح بالتكنولوجيا لم يعلم إلا عند وقوع الكارثة. مرة أخرى ليست دعوة تجديف ضد التطور والتكنولوجيا، لكن لا ترهن حياتك بها، وهذا ينطبق على أجهزة الاتصالات الذكية. عندما سألوا مجموعة من الفتيات والشباب: ماذا قد يصيبهم لو انقطعت شبكة الإنترنت، وعاد الزمن للوراء خمسين عاماً فقط، فأجاب أحدهم مباشرة: «أموت». أعتقد أن الحياة أثمن من هذا جميعه، نعم للتكنولوجيا، لا لرهن حياتنا بها.
لقراءة المقال من المصدر اضغط هنا