يوجد أثر كبير في ثقافتنا العربية، يتعلق بالعلاقة القوية بين الحاكم والمحكوم، ويتمثل هذا الرابط الوثيق بعرى ثابتة وقوية تقوم على الاحترام والتقدير، وأيضاً على السمع والطاعة. ويعتبر الموروث العربي بصفة عامة في هذا المجال بمثابة دروس سياسية بالغة لكل دارس في مجال العلوم السياسية، وباحث في مجال الحكم والشعب.
في بلادنا الإمارات ومنذ حقب طويلة برهن إنسان هذه الأرض على مر الأزمان على ثوابت قوية في عقله وقلبه لم تتزعزع أو تميل أو يصيبها الخلل في أي يوم من الأيام تجاه ولائه لقيادته وشيوخه وأرضه وناسه، وتاريخ آبائنا وأجدادنا في هذا المجال يكشف الكثير من قصص الولاء والمحبة والتعاطف وصدق الانتماء. في الجانب الآخر رزقنا الله بقادة وشيوخ، رهنوا تفكيرهم ونظرتهم للمستقبل في سبيل إسعاد شعبهم ومن أجل الرفاه والتطور والتقدم. وللمزيد في هذا السياق، يكفي لأي متابع أن يلقي نظرة على الواقع الذي يعيشه الإنسان الإماراتي في بلاده، ليدرك حجم العمل الذي تم من أجل بناء هذا الإنسان ورفعته وتقدمه، ويكفي أن نشعر بأن حتى طرق التواصل والاتصال بهذا الشعب سخرت لها الإمكانيات، ووضعت لها التقنيات الحديثة لخدمة الناس، وإيصال صوتهم لقادتهم، فإذا كان الزمن تغير، وتبدلت الأحوال، ولم يعد الواقع اليوم مثل الماضي، فإن هؤلاء القادة وبعزمهم أن تظل حلقة التواصل مستمرة بل وأقوى، دشنوا المشاريع الحديثة والتي تستخدم التقنيات الحديثة لتعزيز وتقوية مثل هذا التواصل بين القادة والشعب، ولن أذهب بعيدا، فهذا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أطلق " مجلس محمد بن راشد الذكي " كأكبر منصة ذكية متكاملة في دبي تضم 30 دائرة حكومية تهدف لتلقي الاقتراحات والملاحظات وأفكار الشعب على مدار الساعة وإجراء جلسات العصف الذهني الذكية وذلك بمتابعة مباشرة من سموه. ولننظر لعمق هذا المجلس والهدف منه، من خلال كلمات سموه، أيده الله، في مناسبة تدشين هذه الخدمة العظيمة حيث قال: " أبوابنا كانت وستبقى مفتوحة وقنوات التواصل معنا مفتوحة واليوم نضيف قناة جديدة ومجلس جديد يضم كافة الجهات الحكومية معنا لتلقي الآراء والاقتراحات والاستماع للملاحظات، وهدفنا أن تكون دبي المدينة الأذكى عالمياً والأسرع تطورا بمساعدة الجمهور من مواطنين ومقيمين وزائرين ومحبين، هدفنا أن تتاح الفرصة لكل أفراد المجتمع بمختلف شرائحه لحضور مجلسنا وتقديم الأفكار وطرح الملاحظات والنقاش والعمل يداً بيد في عملية البناء التي يجب أن تكون بمشاركة الجميع، وهذا لن يكون إلا بدمج الفكرة التقليدية للمجلس مع التكنولوجيا الحديثة لإتاحة الفرصة لجميع سكان ومحبي دبي حول العالم للمساهمة في عملية التطوير على مدار 24 ساعة، فالأفكار ليست حكراً على أحد وليس لها وقت محدد". ببساطة متناهية تم تسخير التقنيات الحديثة لتلعب الدور التقليدي في تقوية الرابطة والحوار وتبادل الأفكار بين الشعب وقيادته، وما علينا جميعاً سوى التفاعل وعدم التردد في طرح المبادرات والأفكار والتواصل بما يجود به العقل، ولا تبخس أي فكرة تمر بذهنك، فهناك قلوب تتلقاها بسعة وترحاب وحب.