نعيش في وسط لجة من التقنيات الحديثة السريعة التطور، حتى بتنا نحمل بين أيدينا أجهزة شديدة الصغر توصف بأنها ذكية، توصلنا بالعالم بأسره، هذا التطور الهائل، الذي عاشته وتعيشه الإنسانية لم يأتي من فراغ بل من جهود علماء مضنية وكبيرة منذ عقود طويلة، لكن أيضاً كان لكل هذا الوهج أثر سلبي وكبير على الكثير من الأفراد والمجتمعات، على سبيل المثال هزت التقنيات الحديثة الأسرة وهددت دورها الريادي القديم، فقد دخلت لتكون عنصر تأثير في عقلية الفتيات والشباب، ويمكن ملاحظة أن هناك زيادة مضطرة في ابتعاد الشاب عن عائلته، هذا البعد أو محاولة المراهق التخلص من السلطة الأبوية لها ضريبة كبيرة وبالغة، حيث ينشأ هذا المراهق متحرراً من القيود وبعيداً عن الضوابط، فيعتقد لوهلة من الزمن بأنه يستطيع تجاوز أي قانون أو سلطة تنظيمية، وهنا يحدث الصدام وقد يكون بداية الانحراف.
هذا الضعف أو التفكك في دور الأسرة نشاهده في عدة ملامح من ارتفاع في أعداد مدمني المخدرات وغيرها وهذا يقود بطبيعة الحال إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية، مع الأسف هناك أعداد ليست قليل من الفتيات أو الشباب يستخدمون الهواتف الذكية على برامج التواصل الاجتماعي و الدردشات فقط لا غير، وغني عن القول أنها أيضاً مرتعاً لكثير من أصدقاء السوء فضلاً عن خطورتها المتعلقة بأعداء الوطن ونشرهم للشائعات والأكاذيب.
قرأت قبل فترة من الزمن أن مؤسسي أهم المواقع على شبكة الانترنت والتي تستخدم من بعض الشباب في التسلية، هم شباب أمريكيون ويابانيون أعمارهم من20 إلى26 سنه أصبت بخيبة أمل كبيرة، فما الذي يعمل عليه شاب في نفس هذا العمر يعيش في مجتمعاتنا العربية؟!. لعلي لا أبالغ بأن أكبر ما قد يجلب السعادة لبعض شبابنا عندما يحصل على نقاط في لعبة خيالية على شبكة الإنترنت، مع العلم أن من قام بتصميم هذه اللعبة شخص في مثل عمره وقد يكون أصغر منه.
يبدو أن شبابنا قد تماشوا وتقبلوا التقنيات لكن كمستهليكن لا منتجين، وهذا هو الفرق والبون الشاسع.. فهل أمالنا تساقطت أو في طريقها للتلاشي؟! هذه الحالة لا تتوقف عند استنكاف فتياتنا وشبابنا عن المبادرات وتقديم أفكار والمساهمة في أنشطة اجتماعية تفيد الوطن وناسه، بل أنهم يبقون عرضة للابتزاز والاستغلال، لأنهم ببساطة قرروا تسطيح أفكارهم وعدم تطوير معارفهم، وهنا يكون الخطر الحقيقي الذي قد يحيط بأي وطن ومجتمع، لا يكونوا أبنائه منتجين متوثبين نحو المجد والتطور، مع إدراكي بأن بلادنا وعدد آخر من الدول العربية بعيدة عن مثل هذا السيناريوا، إلا أن هناك أكثر من نصف عالمنا العربي يعاني ويئن تحت وطأة الظلام المعرفي والثقافي فضلا عن العلمي، فلنصنع شباب طامحين وحالمين ليكونوا كفؤ لقيادة حياتهم و وطنهم نحو الأفضل.