لا يمكن أن تجد شعب من الشعوب أو أمة من أمم الأرض إلا ولديها إرثها مما يمكن تسميته بالأساطير، لذا عند قراءة كتاب مثل: "الموسوعة العالمية للأساطير الشعبية" سنذهل من غزارة المعلومات التاريخية التي تم سردها فضلاً عن القصص التي نبعت وتم تناقلها جيلاً وراء جيل، وهذا يقودنا لمحاولة معرفة ما تعني الأسطورة، وهذا التساؤل تحديداً خاض فيه الكثير من علماء الانثربولوجيا وعلم الاجتماع. دائرة المعارف البريطانية قالت: "أنها تعني حكايات الناس وأساطيرهم التي تنتقل شفاهاً من جيل إلى آخر وتُحفظ من الضياع بقوة ذاكرة الذين يتوارثونها طبقة بعد طبقة وأنه تخدم غرضين أساسيين، فهي من ناحية تحدثنا بتاريخ الشعوب، ومن زاوية أخرى فهي ثقافة تصويرية تحدد مكانة صاحبها في المجتمع الذي يعيش فيه". نعود نحو الكتاب "الموسوعة العالمية للأساطير" وهو من تأليف سعد رفعت، كتاب قيم موسوعي عدد صفحاته 615 صفحة من القطع الكبير، ويحتوي على أكثر من 270 موضوع حيث بدأ بالحديث عن الأسطورة وعلم الأساطير، ثم أخذنا في أهم أساطير الشعوب مثل الإغريق وجنوب آسيا وكوريا وبريطانيا وأفريقيا وروسيا وسويسرا واليابان واسكندنافيا فضلاً عن الهند وأمريكا ونيوزلندا واليونان، وغيرهم الكثير وبطبيعة الحال العرب أيضاً.
حرص المؤلف في أخذ القارئ نحو تاريخ وتطور الأسطورة، وكيف كان الإنسان البدائي ينظر إلى ما حوله من مخلوقات وأرض وسماء وبحار إلى إنها تفكر مثله، ولديها الذكاء كما لدى البشر، مما جعل الإنسان البدائي يتعامل مع حرفته كأنها كائن حي ولديها من يحميها، ومن هنا ظهرت ونبعت جملة من الأساطير الأخرى، بمعنى أن هناك أسطورة رئيسية ولدت عدة أساطير فرعية، يتم تداولها على مر التاريخ، حيث خصص لكل شعب وأمة من أمم الأرض أهم الأساطير والقصص الخرافية التي تم تداولها لفترة من الزمن، وذكر المؤلف من الأساطير العربية أسطورة نار ابن غنام، الذي كان الخصوم يذهبون له كي يحكم بينهما، فكان يحضر حديدة ويتركها في النار لبعض الوقت ثم يخرجها ويضعها على لسان احدهم، وكان يقول إن البريء إذا وضعت على لسانه لن يمسه شيء، لكن المذنب سوف يجف ريقه وتلتصق الحديدة بلسانه، لذلك كان يقال البريء مطمئن غير جاف الفهم ولا اللسان.. هذا الكتاب ممتع، ويأخذك في رحلة تاريخية شيقة نحو أمم وشعوب سادت ثم بادت، لكنه يوضح لك بطريقة غير مباشرة كيف تطور عقل الإنسان حتى وصل لما نحن عليه اليوم.