يجمع كتاب «الفتى الذي طوع الرياح» الإلهام بين حروفه والعزيمة والإصرار، وتجد ملامح هذا الحماس في تحويل الحلم لواقع بين سطوره، زاخر بالدروس التي تعلمنا أن أقل الطموحات قد تصبح عظيمة يوماً ما، بل وتحسن حياة أناس آخرين.
كتاب ويليام كامكوابا وبريان ميلر، الذي نقله إلى العربية شادي الرواشدة قصة واقعية تعلمنا أن الطموح للجميع، والسعي لتنفيذ الطموحات مشاع، لكن بالعمل والإصرار والتغلب على التحديات. ويليام كامكوابا، شاب في إحدى المناطق النائية في القارة الإفريقية وتحديداً في قرية صغيرة تسمى مالاوي، امتلك فكرة تعتبر جريئة في مجتمعه، ليحولها إلى واقع بمصادر محدودة كدراجة هوائية معطلة، وأنابيب بلاستيكية، وأعمدة خشبية لبناء طاحونة هوائية قادرة على توليد تيار يكفي لإضاءة المصابيح، بعد أن سمع جميع كلمات الاستهزاء والتهكم ومرت به كل جمل التحطيم النفسي وأن مشروعه غبي ولا أساس له، لم ينثن بل واصل العمل وفي نهاية المطاف قال: «لقد حاولت ونجحت». الكتاب عبارة عن رحلة في عمق خمسة عشر فصلاً، الإصرار والإلهام أساسها، نتعلم بعد قراءتها أن هناك شمعة أمل وفرصة للجميع. تحدث كامكوامبا عن تلك القرية الفقيرة وروتين حياتها، وبعض من ماضيه الحافل بالمغامرات، وسرد قصة حياة والده وحبه لأمه وحياتهما، ثم تحدث عن كيفية بدء التفكير في حاجة قريته للتيار الكهربائي وأثر قراءته عن طواحين الهواء، معتقداً أنها تجلب الترف لقريته. عرض بعدها كيف بدأ حلمه ببناء واحدة، وكيف أنه قرر تحويل الحلم لواقع، وما إن بدأ حتى سمع سخريات المارة وضحكاتهم من شكل الطاحونة المجمعة من الخردة والأسلاك الصغيرة وبقايا المعادن، ولكنه واصل عمله. وبحق، تعد هذه القرية محظوظة، بهذا الشاب الفقير، الذي بادر بقليل من الخبرة ومخزون بسيط من الفضول ومحدودية واضحة في المصادر، ولبناء حلمه الجميل في رؤية الضوء يغمر قريته، ولتغيير حياته وحياة من سخروا منه حتى أسموه ميسالا، أي المجنون. في327 صفحة تنير عقلك وقلبك وتحفزك لدروب الإلهام، انتهى ويليام كامكوامبا من بناء الطاحونة، وعلم كل من سخر منه سابقاً حقيقة الحلم ونبله وقيمته وأثره في الجميع. وقال كامكوامبا، وهو يشاهد الأنوار ومصدرها طاحونته: «إن كل قطعة من الآلة تحمل في طياتها قصة اكتشاف وضياع لإيجادها في أوقات شدة وخوف، قد تحققت المعجزة وبدأ ضوء بين يدي خافت، حتى أصبح ساطعاً من تلك الآلة، نعم لقد حاولت ونجحت». دوماً ينتصر الإبداع والخيال على الفقر واليأس، لكن من المهم أيضاً ودوماً أن يرافق أحلامنا عمل وحماس.
--------------------------------------------------- -