تكمن أهمية القانون الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، بشأن مكافحة التمييز والكراهية وجرم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. بأنه جاء في وقت يشهد العالم بأسره والعالم العربي بصفة خاصة فوضى في القيم والشعارات، فضلا عن استغلال ممزوج لقيم الدين والعمل على تسخيرها لتكون أداة في يد البعض لضرب الأوطان ومكونات المجتمعات الأمانة المستقرة. تنتشر في عالمنا العربي شعارات الكراهية بشكل ممزوج وقاسي، ووصلت لدرجة الغليان والعنف لمرحلة لا تطاق وباتت تمس الجميع دون استثناء، ويمكن ملاحظة مثل هذه الحالة من الكراهية التي تنتشر كالنار في الهشيم في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تشاهد وتقرأ كلمات الكراهية والعنصرية والتمييز، وأيضا كلمات محملة بالشتم والتحقير لمقدساتنا وقيمنا. الجميع يعلم أن الإمارات تعيش في معزل عن مثل هذه الموجه وهذه الظاهرة الخطيرة، والإنسان الإماراتي عرف على نطاق واسع في كافة أرجاء العالم بأنه مشغول بالبناء الحضاري ونشر القيم الإنسانية، ويكفي أن يطلع أي متابع على الأعمال الإنسانية والجهود الإغاثية التي تقدمها الإمارات في كافة أرجاء العالم دون تمييز أو تفضيل أو شروط مسبقة، بل تقدم للإنسان المحتاج بغض النظر عن لونه أو موقعه ومكانه. وعلى الرغم من هذا الفهم الواسع والعميق للإنسانية وقيمها التي حث عليها ديننا الإسلامي القويم بين أبناء وبنات الإمارات، فإن قيادتنا رأت أن ترسخ هذه القيم وتؤطرها في مثل هذا القانون الحضاري، وذلك لعدة أسباب جوهرية وهامة لعل من أهمها، حماية المجتمع الإماراتي ومواطنيه وأيضا المقيمين من الانجرار خلف خطابات الكراهية والعنصرية والتمييز، هذه الحماية تأتي بتوفير مضلة قانونية رادعة لكل من تسول له نفسه الانجرار ومحاولة إذكاء نار الفتن الطائفية ونشر كلمات فيها تمييز وكراهية في المجتمع، هذا القانون لا يحمي المجتمع ككل وحسب بل أنه أيضا يتوجه نحو الفرد نفسه، فيبلغه بمسؤولياته تجاه الآخر وحقوق هذا الآخر. نقطة أخرى هامة وجوهرية تتعلق بهذا القانون، حيث لامس قلوب الكثيرون، ووجد صدى كبير وواسع ليس في الإمارات وحسب بل في مختلف دول العالم، والسبب ببساطة إنسانية هذا القانون وشموليته وما يوفره من حماية للضعفاء والمضطهدين، هذا فضلا عن وضع المقدسات الدينية ورموزها في الموضع الصحيح والمكان اللائق فيها وحميتها من التجريح والكلمات الغير مسئولة والتي مع الأسف نطلع عليها يوميا في مواقع التواصل الاجتماعي، وباتت ملاحظة وجديرة بالانتباه. توقف العديد من المتابعين وعشرات من المنظمات الحقوقية أمام قانون مكافحة التمييز الإماراتي بكثير من التقدير، وهم يتطلعون بأن يكون سبب لانتشار تشريعات قانونية شبيه في عالمنا ومنطقتنا التي تلتهب بنار الكراهية والطائفية وخطابات الكراهية، لأن أول خطوة في مسيرة بناء المجتمعات القوية الصالحة هي في التسامح وتقبل الآخر ولا يمكن أن يأتي ويتحقق مثل هذا إلا بسن قوانين واضحة تكفل الحقوق وتوضح الواجبات للجميع. وهذا ما نفذته على أرض الواقع الإمارات، وينتظر أن تلتقط هذا الفعل الحضاري كل دولة تريد الخير لنفسها ومجتمعها..