top of page

"ستيمر بوينت" مزيج التاريخ والخيال


تأخذ الأعمال الروائية بُعداً كبيراً في الذاكرة الإنسانية، وتعد بحق متنفساً ومساحة هائلة تمكن المؤلف من الكتابة والتأليف والتحرك في رحابها بكل حرية ومن دون قيود، وهذه خصلة فريدة تتميز بها الرواية عن مختلف أنواع وأجناس الأدب . وإضافة لهذه القيمة، الرواية تتميز برحابة موضوعها وتنوعه وتعدده واختلافه، ومن بين أنواعها الرواية التاريخية، وحسب دارسي هذا النوع فإنها تمزج بين الأحداث التاريخية والخيال . من دون الدخول في تفاصيل هذا النوع وآراء النقاد والدارسين حوله، بين يدينا عمل روائي يحمل ملامح هذا الصنف الروائي الفريد، وهي رواية "ستيمر بوينت" للروائي أحمد زين، ولكن كبداية ماذا يعني هذا العنوان؟ أو ما الذي يشير له؟ وببساطة فإن "ستيمر بوينت" هو اسم الحي الأوروبي الذي سكنه الإنجليز في مدينة عدن اليمنية، أما معنى هذا الاسم فهو نقطة السفن البخارية" . في بداية هذا المنجز الروائي، لعل المؤلف يريد أن يعزز بأننا أمام رواية تاريخية عندما نقل كلمة لرئيس وزراء بريطانيا في تلك الحقبة ونستون تشرشل، قال فيها: "إمبراطوريتنا تبدأ من أسوار عدن" . ثم عرضه لمقولة للشاعر الفرنسي الشهير أرثر رامبو، قال فيها: "لا يمكنكم أبداً أن تتصوروا هذا المكان . لا توجد أية شجرة هنا، حتى يابسة، ولا عود قش، ولا قطرة ماء عذبة، ولا ذرة تراب . فعدن قعر بركان ساكن مطمور بالرمال البحرية" . ليس هذا وحسب، بل توجه نحو الذاكرة الشعبية فنقل لنا أهزوجة قديمة تقول: "عدن عدن لك بحر تغرقي به، يا من دخل لك نسي حبيبه" . هكذا يكون الروائي أحمد زين، أكمل تجهيز القارئ في بداية منجزة أضفى عليها مسحة من التاريخ وهالته المهيبة، لكن وكما يقال لا تكتمل الرواية من دون خيال حتى تلك التي تستقي أحداثها وعوالمها من التاريخ، وهذه الرواية تحديداً أدرك مؤلفها، وهو الغارق في لجة الكتب والمبحر الدائم بين صفحاتها، أنه لا سبيل لتجريد الفن الروائي من قيمة الخيال فزج به وسط أحداث الرواية العاصفة فتداخل فيها الأمل والخيبة، الانتصار والهزيمة، التطلع والانكسار، فمروراً على وصف المدينة عدن قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، منح أحمد زين مساحة إنسانية كبيرة، وقال في نهاية منجزه الروائي: "تنبه الشاب إلى أنه أصبح في منتصف الطريق، حيث يمكنه سماع الهدير في المرفأ الكبير، لكنه لم يشأ سماع شيء . كم طريق تؤدي إلى عدن؟ تساءل في نفسه، طريق قوافل البخور في الأزمنة السحيقة، أم مسالك الغزاة منذ الرومان إلى الكابتن هينس إلى؟ وضربته لفحه حر شديدة رغم الصباح، يتخلله ضباب خفيف" . الرواية جاءت وكأنها كتلة واحدة ودفعة واحدة وزخم واحد، من دون تقديم أو تمهيد يزج بك مؤلفها وسط أتون حدثها، أيضاً قيمة الحوار التي يعلي أهميته البعض من النقاد في جسد الرواية جاء بعفوية ومن دون تكلف وإطناب وتفصيل، جاء من ضمن سرد غارق في الشرح والتدقيق في كل صغيرة وكبيرة من الأحداث العابرة والواضحة . وكأننا بمؤلفها يريد أن يقنعك أيها القارئ بحقيقة ما يقوله، لأنك ستذهل مما قاله! جاءت الرواية في 172 صفحة وهي من منشورات دار التنوير .

---------------------------------------- -

لقراءة المادة من المصدر اضغط الرابط التالي:

http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/01618c6b-191f-45b5-a48a-056b61a3ba7c#sthash.4cZ0Xt6w.dpuf


bottom of page