كثيرة هي المشكلات و العقبات التي تحول دون تحقيق أهدافنا بل دون تحقيق سعادتنا و رغباتنا. الكثير من الأشخاص بدأت إنجازاتهم تبرز و تتحقق حين باشروا بالبحث عن ذواتهم وسط زخم الحياة و هول مصائبها. أتذكر في هذا السياق مقولة المؤرخ توماس كارليل حين قال: "التجارب التي تمر بها هي الطريق الوحيد للتغلب على المصاعب التي تواجهها". بين يدي كتاب جمع بين روح الخير و العطاء و بين البحث عن الذات حيث تسرد فيه هالة كاظم المستشارة والمدربة في التنمية البشرية رحلتها مع التغيير الإيجابي في كتاب ملهم حمل عنوان "هالة و التغيير". بدأت رحلتها حين أرادت البحث عن ذاتها فوصفت تلك التجربة قائلة: "رحلة نحو عمق الذات.. تبدأ بسؤال لا ينتهي من أنا و ما هو موقعي من الآخر؟".
تحدثت هالة عن طفولتها حيث عانت في المدرسة لأنها كانت تعاني من عسر التعلم (الدسلكسيا) الذي لم يفهمه المجتمع آنذاك. وعلى الرغم من تلك التحديات إلا أنها فخورة بمواقف والدها الذي تركها و هي في عامها الثاني عشر ليورثها حب الخير و العطاء و مساعدة الآخرين، فقالت في صفحة 9: "الأمر الذي جعلني آخذ منه ومضة العطاء الأولى و الرغبة الصادقة في أن يكون لي دور محدد في هذا العالم، يعتمد في قوامه على مد يد العون للآخر و مساعدته على تجاوز الصعوبات أياً كانت". علمتها الحياة أن تثق بذاتها و أن تبحث عن سعادتها و تسعى دوماً لمساعدة الآخرين.
كتاب هالة جعلني أتعمق في وضع الكثير من الحالات التي عانت الضعف و الاكتئاب في مرحلة ما في الحياة، بالإضافة إلى عدم فهم بعض الأسر و المجتمعات لتلك الأمراض النفسية و تأثيرها على حياة الفرد. ليس بالغريب أن أخبركم بأنها أيضاً حملت هم المرأة و قدمت العديد من الورشات و الدورات التي تبث هذه الرسائل نحو التنمية و التطوير و السعي وراء إبراز ذاتها و مواهبها و أيضاً أهدافها السامية. تحدثنا هالة عن اللحظة التي قررت فيها التغيير لتقول في صفحة 10 : "أنا يجب أن أكون أنا! "، و لعل عبارة والدتها كان لها وقع بليغ حين قالت لها: "هالة لقد تغيرت" . و في هذا السياق تقول المؤلفة ماري مور "الألم يعزز الشجاعة، فلا تغدو شجاعاً إذا لم تواجه أحوالاً تؤلمك". قلت أن الكتاب ملهم لأن الكتب التي تسرد حياة الأفراد الناجحين و تجاربهم الواقعية بدفتيه الإيجابية و السلبية قليلة في مجتمعاتنا بل في العالم ككل. نحن بحاجة أكبر إلى قصص تلهمنا بإنجازاتها و ترتقي بأهدافنا و تعززها و تساعدنا في البحث عن ذواتنا كما فعلت هالة حين قررت التوجه بالبحث عن سعادتها. كلماتها لامست القلب بمصداقيتها و عفويتها في السرد و قصصها تختصر علينا تجارب ثرية من أرض الواقع. يقول الكاتب ألبيرتو مورافيا "ليس الفشل سوى منعطف إلى النجاح". إلين كيني المستشارة النفسية كان لها بصمة كبيرة في حياة هالة حيث حولت نقاط الضعف تلك إلى نقاط قوة يصعب تغييرها و التغلب عليها بل و صنعت من هالة شخصاً مختلفاً.
الغلاف حمل صورة مؤلفته مبتسمة و مفعمة بالحيوية و الأمل كما أن الكتاب مليء بالصور التي تعكس التحدي و الإصرار، إضافة إلى صور عائلتها و صديقاتها و الكثير من الأشخاص الذين كان لها الأثر في تغيير مجرى حياتهم للأفضل خلال انضمامهم في برنامجها "رحلة التغيير". تحدثت هالة عن رحلات التغيير العديدة و التي كانت لبلدان مختلفة منها النمسا و فرنسا و إيطاليا و جزيرة موريشيوس و أيضاً فيتنام و دبا التي تقع في دولة الإمارات. جدير بالذكر بأن رحلة التغيير من البرامج الفعالة التي كان لها الأثر في تحسين حياة الكثيرين من الأشخاص بشهاداتهم التي سردوها و دونوها في كتاب هالة و التغيير كما نصحوا الآخرين بضرورة خوض تجارب التحدي و التغيير. تم اختيار هالة كأفضل سيدة أعمال في عام 2013 عن مشروعها رحلة التغيير ضمن جائزة محمد بن راشد لتنمية المشاريع في دولة الإمارات.
"هالة و التغيير" كتاب أنصح باقتنائه لثراء معلوماته و ضخم تجاربه و يضم هذا المنجز أكثر من 115 صفحة و هو من منشورات دار كتاب.
لقراءة المادة من المصدر انقر على الرابط التالي:-