تتكون المجتمعات كما هو معروف من أفراد، ولذا بات من البديهي أن أولى خطوات تقدم وتفوق وصلاح أي مجتمع، هو في صلاح الفرد الذي يعد بمثابة لبنة أساسية من لبنات البناء الاجتماعي، لكن ماذا إذا لم يكن هذا الفرد صالحاً، بل يحمل مجموعة من المساوئ المضرة . كتاب: اللصوص والبخلاء وعوامل الابتلاء، من تأليف د . ياسر أنس، يتحدث عن هذا الجانب، إذ يقول: "إن سلامة المجتمع من سلامة الأفراد، لأن الفرد هو لبنة المجتمع، لذلك كان حتماً علينا معالجة آفات الأفراد أولاً، حتى يشفي المجتمع ككل من أمراضه وآفاته أخيراً" . وعلى الرغم من أن الكتاب يوحي بأنه عبارة عن كتيب إلا أنه احتوى على أربعة أبواب، وأسفل كل باب خمسة فصول منها: لماذا الحديث عن اللصوص والبخلاء . وعن الفرق بينهم، وأشهر اللصوص والبخلاء . وبخلاء الجاحظ والقراصنة، وفنون ونوادر اللصوص ومفهوم منظمة "المافيا" والبخلاء القادمون، وهل أنت لص أم بخيل؟ والسرقة والبخل هل هي موروث أم مكتسب فضلاً عن حديثه عن وسائل حفظ المجتمع من اللصوص والبخلاء، ودستوهم ومنهجية إعداد وصناعة اللص . وضم الكتاب فصلاً ساخراً تحت عنوان "يا لصوص العالم اتحدوا" ومن هذا الفصل، أنوه بأن أجمل ما ضمه الكتاب بين دفتيه هي اللغة القائمة على السخرية والتهكم، فقد نجح المؤلف في طرح قضايا عميقة وكبيرة ولكنه لم يوغل في السوداوية والظلامية بل حاول أن يخفف على القارئ الوقع بتلك اللغة الجميلة الساخرة . يقول المؤلف في فصله الأول من كتابه: "إن اللصوص جزء من المجتمع، أي مجتمع، وتاريخهم جزء من تاريخ الوطن، أي وطن، وأن الجريمة مرتبطة بكل ما يطرأ على المجتمع من تغيرات وتحولات، ويجب ألا نتعامل مع هذه الظواهر باستعلاء واستهانة، فمن الملاحظ أن الباحثين والمؤرخين المعاصرين تجاهلوا الأمر تماماً على النقيض من الأسلاف الذين أفردوا كتباً قيمة كانت بمثابة الضوء المبهر الذي سلط على العصر الذي عاشوا فيه فكشف لنا أدق التفصيلات عن طبيعة العصر والدلالات السياسية والاجتماعية" . وهو محق تماماً، فالتراث العربي زاخر بكتب ومصنفات وحكايات عن جملة من قضايا تلك المجتمعات الغابرة ومنها اللصوصية ونوادر البخلاء . كتاب د . ياسر أنس، "اللصوص والبخلاء وعوامل الابتلاء"، جدير بالاقتناء والقراءة، وهو خفيف الكلمة سهل العابرة ثقيل في المعنى والفائدة، وجاء في 254 صفحة ومن منشورات دار الياسمين للنشر والتوزيع .
لمشاهدة المادة من المصدر أضغط على الرابط التالي: