بعض العادات المجتمعية قاسية بكل ما تعني الكلمة خاصة على المرأة، ولن أخص مجتمعا دون سواه فمع الأسف قد تكون الظاهرة عامة في جميع المجتمعات العربية.
فهناك عادات تحكم رقاب الناس وتعيق حركتهم وتمنع إبداعهم، وبعض آخر من العادات المتوارثة تحقـق فائـدة لكنهـا اليـوم عبء ثقيل على كاهل المجتمع والأفراد.
والمشكلة هي عندما يتم توظيفها لمصادرة حقوق أفراد في المجتمع يصنفـون على أنهم الأضعف مثل النساء أو الأطفال.
فعلى سبيل المثال تتم مصادرة براءة الطفل والزج به في حياة الكبار وهو لم يتجاوز الخامسة أو السادسة من عمره، ليس هذا فحسب بل يتم تقييد حركته وفق برتوكولات المناسبات الاجتماعية، فيتم منعه من اللعب مع أقرانه والتمتع بطفولته.والأكثر دهاء عندما يشرع في تعليمه جوانب حياتية هو في غنى عنها بشكل تام، مثل كيفية استخدام الأسلحة وكيفية الطبخ وقطع اللحم ونصب الخيام والتحميل والتنزيل وغيرها كثير، وهذه جميعها تتم تحت شعار يقول “يجب تعليمه الرجولة والعادات والتقاليد”.
إذا كان البعض لم يتمكن من التخلص من رواسب تنشئته القاسية فلماذا يريد نقلها لأطفاله وأهل بيته بكل هذه القسوة، رغم تغير الزمن وتغير وسائل المعيشة حتى طرق التفكير والحكم على الأمور تغيرت تماما، ومع ذلك تجده متمسكا بالأفكار التي لا تفيد.
لو كان هوس مثل هذا الأب يتعلق برغبته في تعليم أبنائه وأسرته الوسائل الحديثة مثل طرق التعامل مع الحاسوب لفهم ذاك الخوف والحرص على مستقبلهم، رغم أنه من غير المبرر القسوة على طفل ليتعلم الكمبيوتر وهو لم يكمل بعد تعلم الحروف الهجائية.
البعض منا لا يستطيع التفريق بين أهمية تعليم من نحب أولويات الحياة، وبين بعض العادات المجتمعية القديمة التي لا طائل أو فائدة منها.
وهذا يجعلني أشبه هذا الوضع بقصة الفيل الضخم عندما يتم ربطه بحبل صغير فلا يستطيع الحركة، رغم أنه مربوط في قدمه ولا يمنعه من التحرك، ولكن تجد الفيل مستقرا في مكانه لا يقوى على الحركة.
والسبب يعود للسنوات الأولى لولادة هذا الفيل، حيث كان يتم تقييد قدمه بحبل مربوط في الجدار، فيحاول مرة أو مرتين وثلاثا ومئة وأكثر من ذلك للفكاك من الحبل دون جدوى، وبعد بضع سنوات يكون الفيل قد تعود على وجود الحبل في قدمه.
عندها يستبدل صاحبه الحبل المربوط بإحكام في الجدار بحبل يلفه على قدم الفيل فقط، ورغم هذا لا يدرك الفيل أنه غير مربوط في الجدار، وأنه يمكنه الحركة، لأن الفيل يكون قد ترسخ في ذهنه أنه ما دام يشعر بحبل حول قدمه فذاك يعني أنه لا يستطيع التحرك فلا يقوم بأي محاولة.
نحن في تعاملنا مع بعض عاداتنا نشبه ذاك الحبل المربوط بقدم الفيل، فلا نقوى على الحركة ولا على التفكير والاستنتاج أنه يمكننا الانطلاق والتحرر والسير إلى الأمام وأن نقدم لأطفالنا ما هو أعظم فائدة وأكثر جدوى من كيفية التعا
مل مع الحيوانات أو كيفية ذبحها.
لقراءة المقال من المصدر: