دبي - شيماء المرزوقي: في بعض أصقاع عالمنا العربي يصاب البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة بأمراض نفسية نتيجة التغير الصادم في حياتهم وعدم ارتفاع المستوى الثقافي والمعرفي بين أوساط محيطهم الذي يرمي عليهم تهم العجز والضعف وفي أحسن الأمور نظرات العطف والشفقة .
في ظني أن هذا يعد من أهم المسببات الرئيسية لجملة من الأعراض والأزمات النفسية التي يعانيها البعض من ذوي الاحتياجات الخاصة . وفعلاً كنت أعتقد أن الفتيات هن الأكثر عرضة لمثل هذه المعوقات، وأنهن يعانين بشكل مضاعف، وهذا الاعتقاد نتيجة المتطلبات الاجتماعية التي تقع على كاهل المرأة العربية بصفة عامة فتكون مضاعفة، لذا تعيش في عراك ونضال طيلة حياتها لتحصل على بعض الاحترام والمكانة وإن كانت مكانة متواضعة .
قلت إني "كنت أعتقد"، إلا أنني بدأت أراجع مثل هذه القناعة، بعد أن سعدت بقراءة كتاب تحت عنوان: "امرأة من زمن القوة" من تأليف مريم العفاد المنصوري، وهو مجموعة من النصوص الشديدة الوضوح القوية المعنى والتعبير . ستتوقف أمام الإهداء لأنه جاء بليغاً ومعبراً، قالت فيه: "إلى سنديان حياتي الذي يحيي وجوده روحي، الذي علمني أن الحب له فقط . . ومصدر قوتي منه وأن دموعي حرام أن تفيض لأحد . . وإلى الجنة السرمدية التي أخاف زوالها أمية وأبوية" . ما قرأته في "امرأة من زمن القوة" أثبت لي خطأ معتقدي وأن المرأة لم تعد ذلك المخلوق المرهف حد القرف، عندما قررت المؤلفة المنصوري أن تخط مشاعرها على الورق لتجعل منها شيئاً مرئياً أمام بنات جنسها وأمام جميع عانوا من عقدة الإعاقة . جاء عمل المنصوري معروفاً جباراً وعملاً نبيلاً تبث من خلاله الأمل إليهم، ولتجعلنا نعرف أن زمننا يدهس الضعفاء ولا حياة إلا لمن يكون ابن هذا الزمن، زمن القوة، كانت المؤلفة في نصوصها تحدث "البعيد المجهول" الذي تخلى عنها، قد يكون زوجاً، وقد يكون المجتمع، وقد تكون طريقة العيش القديمة أو الهوايات أو الرياضات المختلفة، أو أي شيء تخلى عنها عندما اجتاح الكرسي المتحرك حياتها، لم تكن الخواطر رثاءً أو حسرة، بل كانت كلمات ممتلئة بالصرامة والقيادية والثبات في القرارات، كانت تطلب منه ألا يعود وتجزم أنها لا تحتاجه تارة، وتارة تقول إنها ستكون بانتظاره دائماً وستظل مخلصة له وعلى يقين أنه لن يتركها، ربما أنه المجهول البعيد من وجهت إليه القول: "سأجزم حينها أن بكائي كان حبي لك، وليس ضعفي، وأن جلوسي على كرسي متحرك بعجلات هو قوتي، وقوتي التي ستنتشلني لأقف وأقول لك: "الحياة المبجلة التي جعلتك غريباً علي، هي نفسها الحياة التي شكلت هذه القوة بي" . الأسطر الممتلئة بالثقة التي قرأتها كانت أسطراً خطتها فتاة من زمن القوة بحق، وفتاة علمتنا كم هو أمر مصيري ومهم أن نكون من زمن القوة . أما غلاف هذا الكتاب الملهم فكان صورة معبرة من عدسة غبيشه المنصوري .
------------------------------------------------- -
لقراءة المقال من المصدر اضغط الرابط التالي:
http://www.alkhaleej.ae/alkhaleej/page/12670676-d417-4fb3-b1cf-9d2bfaa41baf