وجود الأبوين يمنح الطفل شعوراً لا يجده بين أناس آخرين وكونه ضمن أسرة مكونة من أب وأم وبعض الأخوة فهي تعني له الكثير. في أسرته، يتعلم الحب والعطاء، الإخلاص والوفاء، التضحية والإيثار، الادخار والإبداع. تمنحه الأسرة شعوراً بالأمان والطمأنينة والثقة والراحة وتشبع رغباته النفسية والبدنية والاجتماعية، يتعلم الطفل أسس العلاقات بين الأفراد في أسرته وعادات وتقاليد مميزة منبعثة من دينه الحنيف. صورة الأبوين معاً هي أجمل صورة ترسم في ذهنه، الفاجعة تبدأ حين يفترق الأبوان ويختار كل منهما أن يرحل عن الآخر، وربما يكون أسرة جديدة، حينها يسأل الطفل نفسه: هل أنا السبب؟ من سيأخذني معه؟ أم سأترك عند جدتي؟ لا شك أن الطلاق هو أبغض الحلال، ولكنه يقع للأسف بين الأزواج لأسباب عديدة، أهمها أن الحفاظ على استمرار الزواج يتطلب التضحية من الطرفين ومع قلة الوازع الديني يقع الطلاق، وهناك أسباب أخرى خارجة عن إرادتنا، على الرغم من أننا نضحي بكل ما لدينا، ولكن من دون فائدة وتقدير من الطرف الآخر. فهل يتكيف طفلك من هذا التغيير؟ أم هل تعلم كيف تساعده على التأقلم مع وضعه الجديد؟ يستحيل أن يتخلى الطفل عن والديه، بالتالي لا تهجره وتأكد أن يبقى على اتصال معك أيها الأب حين يترك الطفل مع والدته. نسق مع والدته لتزوره حسب استطاعتك مرتين أو أكثر في كل أسبوع. زيارتك اجعلها طويلة وابق معه من الصباح إلى المساء حتى يشعر بقربك منه طوال اليوم. التزم بزياراتك فلا تنقطع عنه من دون مبرر طارئ واجعل من المناسبات والأعياد فرصة، لتكون فيها مع ابنك. حين تلتقي بابنك تحدث معه عن مشاعره وتبادل معه شوقك له واحضنه في كل مرة تراه، الأهم أن تتجاوب وتتفاعل مع حديثه واستمع إليه حتى ينهي حديثه. عامله كصديق لك، ليشعر بقربك وذكر ابنك بقوله تعالى في سورة لقمان «وصاحبهما في الدنيا معروفاً» حتى تعلمه أن يصاحبك بالإحسان والطيب وحسن الخلق. إن شعر ابنك بالذنب لما حدث لأسرته، طمأنه بأن ما حدث ليس له علاقة به وأن الطلاق هو أفضل حل لك ولوالدته، لسنا بحاجة إلى التطرق إلى عيوب الطرف الآخر وذكرها في حديثنا مع أبنائنا، دعونا نشعرهم بالراحة ونبعدهم عن المشاعر السلبية تجاه الطرف الآخر. أيتها الأم، علميه أن يحب أباه واذكري له مزاياه الحسنة، فالأب هو قدوة الابن والبنت تقتدي بأمها، فتعاونا مع بعضكما بأن ترسما صوراً جيدة وصحيحة في ذهن أبنائكما. أيها المربي، كن كريماً مع أبنائك ولا تبخل عليهم بمصروفهم الشهري، فهو من حقهم الشرعي، ولا تجعل من والدتهم العائل الوحيد للأسرة، وتذكر أنها تبذل الغالي والنفيس في سبيل أن تربيهم على كتاب الله وسنة نبيه. وأنت أيها المربي، تدرب على فنون التربية وتعلم أسرارها الدفينة، لتمتلك إعجاب أبنائك وترشدهم في رحلة الحياة الطويلة. وكما جاء في الصحيحين في حديث ابن عمر، رضي الله عنهما: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).